كتاب عون المعبود شرح سنن أبي داود (ط. المكبتة السلفية) (اسم الجزء: 5)

تَوَجَّهَ مِنْ مِنًى حِين صَلَّى الصُّبْح بِهَا وَلَكِنَّهُ مُقَيَّد بِأَنَّهُ كَانَ بَعْد طُلُوع الشَّمْس لِمَا تَقَدَّمَ فِي حَدِيث جَابِر الطَّوِيل ، ثُمَّ مَكَثَ قَلِيلًا حَتَّى طَلَعَتْ الشَّمْس
( وَهِيَ مَنْزِل الْإِمَام )
: قَالَ اِبْن الْحَاجّ الْمَالِكِيّ : وَهَذَا الْمَوْضِع يُقَال لَهُ الْأَرَاك . قَالَ الْمَاوَرْدِيُّ : يُسْتَحَبّ أَنْ يَنْزِل بِنَمِرَة حَيْثُ نَزَلَ رَسُول اللَّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَهُوَ عِنْد الصَّخْرَة السَّاقِطَة بِأَصْلِ الْجَبَل عَلَى يَمِين الذَّاهِب إِلَى عَرَفَات
( رَاحَ )
: أَيْ بَعْد زَوَال الشَّمْس
( مُهَجِّرًا )
: بِتَشْدِيدِ الْجِيم الْمَكْسُورَة . قَالَ الْجَوْهَرِيّ : التَّهْجِير وَالتَّهَجُّر السَّيْر فِي الْهَاجِرَة ، وَالْهَاجِرَة نِصْف النَّهَار عِنْد اِشْتِدَاد الْحَرّ ، وَالتَّوَجُّه وَقْت الْهَاجِرَة فِي ذَلِكَ الْيَوْم سُنَّة لِمَا يَلْزَم مِنْ تَعْجِيل الصَّلَاة ذَلِكَ الْيَوْم وَقَدْ أَشَارَ الْبُخَارِيّ إِلَى هَذَا الْحَدِيث فِي صَحِيحه فَقَالَ : بَاب التَّهْجِير بِالرَّوَاحِ يَوْم عَرَفَة أَيْ مِنْ نَمِرَة
( فَجَمَعَ بَيْن الظُّهْر وَالْعَصْر إِلَخْ )
: قَالَ اِبْن الْمُنْذِر : أَجْمَعَ أَهْل الْعِلْم عَلَى أَنَّ الْإِمَام يَجْمَع بَيْن الظُّهْر وَالْعَصْر بِعَرَفَة ، وَكَذَلِكَ مَنْ صَلَّى مَعَ الْإِمَام وَذَكَرَ أَصْحَاب الشَّافِعِيّ أَنَّهُ لَا يَجُوز الْجَمْع إِلَّا لِمَنْ بَيْنه وَبَيْن وَطَنه سِتَّة عَشَر فَرْسَخًا إِلْحَاقًا لَهُ بِالْقَصْرِ ، قَالَ وَلَيْسَ بِصَحِيحٍ ، فَإِنَّ النَّبِيّ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَآلِهِ وَسَلَّمَ جَمَعَ فَجَمَعَ مَعَهُ مَنْ حَضَرَهُ مِنْ الْمَكِّيِّينَ وَغَيْرهمْ وَلَمْ يَأْمُرهُمْ بِتَرْكِ الْجَمْع كَمَا أَمَرَهُمْ بِتَرْكِ الْقَصْر فَقَالَ أَتِمُّوا فَإِنَّا سَفْر ، وَلَوْ حَرُمَ الْجَمْع لَبَيَّنَهُ لَهُمْ ، إِذْ لَا يَجُوز تَأْخِير الْبَيَان عَنْ وَقْت الْحَاجَة . قَالَ وَلَمْ يَبْلُغنَا عَنْ أَحَد مِنْ الْمُتَقَدِّمِينَ خِلَاف فِي الْجَمْع بِعَرَفَة وَالْمُزْدَلِفَة بَلْ وَافَقَ عَلَيْهِ مَنْ لَا يَرَى الْجَمْع فِي غَيْره . وَقَوْله ثُمَّ خَطَبَ النَّاس فِيهِ دَلِيل عَلَى أَنَّهُ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَآلِهِ وَسَلَّمَ خَطَبَ بَعْد الصَّلَاة ، وَحَدِيث جَابِر الطَّوِيل يَدُلّ عَلَى خِلَافه وَعَلَيْهِ عَمَل الْعُلَمَاء .@

الصفحة 392