كتاب عون المعبود شرح سنن أبي داود (ط. المكبتة السلفية) (اسم الجزء: 5)
وَيُؤَكِّد عَلَيْهِمْ أَنْ لَا يَرْمُوا الْجَمْرَة حَتَّى تَطْلُع الشَّمْس ، وَهُوَ قَوْل أَبِي حَنِيفَة وَالْعَامَّة مِنْ فُقَهَائِنَا اِنْتَهَى . وَقَالَ الْقَارِيّ : وَجَوَّزَهُ الشَّافِعِيّ بَعْد نِصْف اللَّيْل . وَقَالَ الْعَيْنِيّ : وَقَدْ اِخْتَلَفَ السَّلَف فِي الْمَبِيت بِالْمُزْدَلِفَةِ ، فَذَهَبَ أَبُو حَنِيفَة وَأَصْحَابه وَالثَّوْرِيُّ وَأَحْمَد وَإِسْحَاق وَأَبُو ثَوْر وَمُحَمَّد بْن إِدْرِيس فِي أَحَد قَوْلَيْهِ إِلَى وُجُوب الْمَبِيت بِهَا وَأَنَّهُ لَيْسَ بِرُكْنٍ ، فَمَنْ تَرَكَهُ فَعَلَيْهِ الدَّم ؛ وَعَنْ الشَّافِعِيّ أَنَّهُ سُنَّة ، وَهُوَ قَوْل مَالِك . وَقَالَ اِبْن خُزَيْمَةَ : هُوَ رُكْن .
قَالَ الْمُنْذِرِيُّ : وَأَخْرَجَهُ النَّسَائِيُّ وَابْن مَاجَهْ . وَأَخْرَجَهُ التِّرْمِذِيّ مِنْ حَدِيث مِقْسَم عَنْ اِبْن عَبَّاس أَنَّ النَّبِيّ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَدَّمَ ضَعَفَة أَهْله ، وَقَالَ : لَا تَرْمُوا الْجَمْرَة حَتَّى تَطْلُع الشَّمْس ، وَقَالَ حَسَن صَحِيح . وَيُمْكِن حَمْل هَذِهِ الْأَحَادِيث عَلَى الِاسْتِحْبَاب جَمْعًا بَيْن السُّنَّتَيْنِ .
1658 -
قَالَ صَاحِبُ عَوْنِ الْمَعْبُودِ :
( عَنْ عَائِشَة )
: حَدِيث عَائِشَة أَخْرَجَهُ أَيْضًا الْحَاكِم وَالْبَيْهَقِيُّ وَرِجَاله رِجَال الصَّحِيح
( قَبْل الْفَجْر )
: هَذَا مُخْتَصّ بِالنِّسَاءِ فَلَا يَصْلُح لِلتَّمَسُّكِ بِهِ عَلَى جَوَاز الرَّمْي لِغَيْرِهِنَّ مِنْ هَذَا الْوَقْت لِوُرُودِ الْأَدِلَّة الْقَاضِيَة بِخِلَافِ ذَلِكَ ، وَلَكِنَّهُ يَجُوز لِمَنْ بُعِثَ مَعَهُنَّ مِنْ الضَّعَفَة كَالْعَبِيدِ وَالصِّبْيَان أَنْ يَرْمِي فِي وَقْت رَمْيهنَّ كَمَا سَيَأْتِي فِي حَدِيث أَسْمَاء . وَأَخْرَجَ أَحْمَد مِنْ حَدِيث اِبْن عَبَّاس أَنَّ النَّبِيّ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بَعَثَ بِهِ مَعَ أَهْله إِلَى مِنًى يَوْم النَّحْر فَرَمَوْا الْجَمْرَة مَعَ الْفَجْر
( فَأَفَاضَتْ )
: أَيْ ذَهَبَتْ لِطَوَافِ الْإِفَاضَة ثُمَّ رَجَعَتْ إِلَى مِنًى
( الْيَوْم الَّذِي )
: خَبَر كَانَ أَيْ يَوْم نَوْبَتهَا@
الصفحة 416