كتاب عون المعبود شرح سنن أبي داود (ط. المكبتة السلفية) (اسم الجزء: 5)

وَمَضَيْنَا حَتَّى رَمَتْ الْجَمْرَة ثُمَّ رَجَعَتْ فَصَلَّتْ الصُّبْح فِي مَنْزِلهَا فَقُلْت لَهَا يَا هَنَتَاهُ مَا أَرَانَا إِلَّا قَدْ غَلَّسْنَا ، قَالَتْ : يَا بُنَيّ إِنَّ رَسُول اللَّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَذِنَ لِلظُّعُنِ اِنْتَهَى . وَفِي هَذَا الْحَدِيث دَلِيل عَلَى أَنَّهُ يَجُوز لِلنِّسَاءِ الرَّمْي لِجَمْرَةِ الْعَقَبَة فِي النِّصْف الْأَخِير مِنْ اللَّيْل . وَاسْتَدَلَّ بِهِ بَعْضهمْ عَلَى إِسْقَاط الْمُرُور بِالْمَشْعَرِ عَنْ الظَّعِينَة . وَلَا دَلَالَة فِيهِ عَلَى ذَلِكَ ، لِأَنَّ غَايَة مَا فِيهِ السُّكُوت عَنْ الْمُرُور بِالْمَشْعَرِ ، وَقَدْ ثَبَتَ فِي صَحِيح الْبُخَارِيّ وَغَيْره عَنْ اِبْن عُمَر أَنَّهُ كَانَ يُقَدِّم ضَعَفَة أَهْله فَيَقِفُونَ عِنْد الْمَشْعَر الْحَرَام بِالْمُزْدَلِفَةِ بِلَيْلٍ ثُمَّ يَقْدَمُونَ مِنًى لِصَلَاةِ الْفَجْر وَيَرْمُونَ . قَالَهُ الشَّوْكَانِيُّ .
قَالَ الْمُنْذِرِيُّ : وَأَخْرَجَهُ النَّسَائِيُّ وَقَالَ فِيهِ عَنْ عَطَاء أَنَّ مَوْلًى لِأَسْمَاءَ أَخْبَرَهُ . وَأَخْرَجَ الْبُخَارِيّ وَمُسْلِم مَعْنَاهُ أَتَمّ مِنْهُ مِنْ رِوَايَة عَبْد اللَّه مَوْلَى أَسْمَاء عَنْهَا .

1660 -
قَالَ صَاحِبُ عَوْنِ الْمَعْبُودِ :
( بِمِثْلِ حَصَى الْخَذْف )
: أَيْ بِقَدْرِهِ فِي الصِّغَر وَتَقَدَّمَ تَفْسِيره
( فَأَوْضَعَ )
: أَيْ أَسْرَعَ السَّيْر بِإِبِلِهِ ، يُقَال : وَضَعَ الْبَعِير وَأَوْضَعَهُ رَاكِبه : أَيْ أَسْرَعَ بِهِ السَّيْر
( وَادِي مُحَسِّر )
: اِسْم فَاعِل مِنْ التَّحْسِير . قَالَ الْأَزْرَقِيّ وَهُوَ خَمْسمِائَةِ ذِرَاع وَخَمْسَة وَأَرْبَعُونَ ذِرَاعًا ، وَإِنَّمَا شُرِعَ الْإِسْرَاع فِيهِ ، لِأَنَّ الْعَرَب كَانُوا يَقِفُونَ فِيهِ ، وَيَذْكُرُونَ مَفَاخِر آبَائِهِمْ ، فَاسْتَحَبَّ الشَّارِع مُخَالَفَتهمْ . وَالْحَدِيث فِيهِ دَلِيل عَلَى مَشْرُوعِيَّة الْإِسْرَاع بِالْمَشْيِ فِي وَادِي مُحَسِّر .
قَالَ الْمُنْذِرِيُّ : وَأَخْرَجَهُ النَّسَائِيُّ وَابْن مَاجَهْ .@

الصفحة 419