كتاب عون المعبود شرح سنن أبي داود (ط. المكبتة السلفية) (اسم الجزء: 5)

اِبْن حَنْبَل : مَا أَجْوَدَهُ مِنْ حَدِيث . قَالَ الطِّيبِيُّ : أَيْ لَا أُعْطِيكُمَا لِأَنَّ فِي أَخْذ الصَّدَقَة ذِلَّة فَإِنْ رَضِيتُمَا بِهَا أَعْطَيْتُكُمَا أَوْ أَنَّهَا حَرَام عَلَى الْجَلْد ، فَإِنْ شِئْتُمَا تَنَاوُل الْحَرَام أَعْطَيْتُكُمَا . قَالَهُ تَوْبِيخًا وَتَغْلِيظًا اِنْتَهَى .
وَالْحَدِيث مِنْ أَدِلَّة تَحْرِيم الصَّدَقَة عَلَى الْغَنِيّ وَهُوَ تَصْرِيح بِمَفْهُومِ الْآيَة . وَاخْتُلِفَ فِي تَحْقِيق الْغَنِيّ كَمَا سَلَفَ وَعَلَى الْقَوِيّ الْمُكْتَسِب لِأَنَّ حِرْفَته صَيَّرَتْهُ فِي حُكْم الْغَنِيّ . وَمَنْ أَجَازَ لَهُ تَأَوَّلَ الْحَدِيث بِمَا لَا يُقْبَل . كَذَا فِي السُّبُل . وَقَالَ اِبْن الْهُمَام : الْحَدِيث دَلَّ عَلَى أَنَّ الْمُرَاد حُرْمَة سُؤَالهمَا لِقَوْلِهِ وَإِنْ شِئْتُمَا أَعْطَيْتُكُمَا فَلَوْ كَانَ الْأَخْذ مُحَرَّمًا غَيْر مَسْقَط عَنْ صَاحِب الْمَال لَمْ يَفْعَلهُ .
قَالَ الْمُنْذِرِيّ : وَأَخْرَجَهُ النَّسَائِيُّ .
1392 -
قَالَ صَاحِبُ عَوْنِ الْمَعْبُودِ :
( لَا تَحِلّ الصَّدَقَة لِغَنِيٍّ )
: فِي الْمُحِيط مِنْ الْكُتُب الْحَنَفِيَّة : الْغِنَى عَلَى ثَلَاثَة أَنْوَاع ، غِنًى يُوجِب الزَّكَاة وَهُوَ مِلْك نِصَاب حَوْلِيّ تَامّ ، وَغِنًى يُحَرِّم الصَّدَقَة وَيُوجِب صَدَقَة الْفِطْر وَالْأُضْحِيَّة وَهُوَ مِلْك مَا يَبْلُغ قِيمَة نِصَاب مِنْ الْأَمْوَال الْفَاضِلَة عَنْ حَاجَته الْأَصْلِيَّة ، وَغِنًى يُحَرِّم السُّؤَال دُون الصَّدَقَة وَهُوَ أَنْ يَكُون لَهُ قُوت يَوْمه وَمَا يَسْتُر عَوْرَته
( وَلَا لِذِي مِرَّة )
: بِكَسْرِ الْمِيم وَتَشْدِيد الرَّاء الْقُوَّة أَيْ وَلَا لِقَوِيٍّ عَلَى الْكَسْب
( سَوِيّ )
: أَيْ صَحِيح الْبَدَن تَامّ الْخِلْقَة . قَالَ عَلِيّ الْقَارِي : فِيهِ نَفْي كَمَالِ الْحِلّ لَا نَفْس الْحِلّ أَوْ لَا تَحِلّ لَهُ بِالسُّؤَالِ . قَالَ اِبْن الْمَلِك : أَيْ لَا تَحِلّ الزَّكَاة لِمَنْ أَعْضَاؤُهُ صَحِيحَة وَهُوَ قَوِيّ يَقْدِر عَلَى الِاكْتِسَاب بِقَدْرِ مَا يَكْفِيه وَعِيَاله وَبِهِ قَالَ الشَّافِعِيّ . وَقَالَ الْخَطَّابِيُّ قَدْ اِخْتَلَفَ النَّاس فِي جَوَاز الصَّدَقَة لِمَنْ يَجِد قُوَّة يَقْدِر بِهَا عَلَى الْكَسْب ، فَقَالَ الشَّافِعِيّ : لَا تَحِلّ لَهُ الصَّدَقَة وَكَذَلِكَ قَالَ@

الصفحة 42