كتاب عون المعبود شرح سنن أبي داود (ط. المكبتة السلفية) (اسم الجزء: 5)

رَدّ عَلَى مَنْ زَعَمَ أَنَّ الْوُقُوف يَفُوت بِغُرُوبِ الشَّمْس يَوْم عَرَفَة ، وَمَنْ زَعَمَ أَنَّ وَقْته يَمْتَدّ إِلَى مَا بَعْد الْفَجْر إِلَى طُلُوع الشَّمْس
( مِنْ لَيْلَة جَمْع )
: أَيْ وَلَوْ مِنْ لَيْلَة الْمُزْدَلِفَة وَهِيَ الْعِيد ، وَلَفْظ التِّرْمِذِيّ : الْحَجّ يَوْم عَرَفَة مَنْ أَدْرَكَ عَرَفَة لَيْلَة جَمْع قَبْل طُلُوع الْفَجْر
( فَتَمَّ حَجّه )
: أَيْ لَمْ يَفُتْهُ وَأَمِنَ مِنْ الْفَسَاد إِذَا لَمْ يُجَامِع قَبْل الْوُقُوف ، وَأَمَّا إِذَا فَاتَهُ الْوُقُوف حَتَّى أَدْرَكَهُ الْفَجْر وَجَبَ عَلَيْهِ أَنْ يَتَحَلَّل بِأَفْعَالِ الْعُمْرَة وَيَحْرُم عَلَيْهِ اِسْتِدَامَة إِحْرَامه إِلَى قَابِل كَمَا نُقِلَ الْإِجْمَاع فِي ذَلِكَ إِلَّا رِوَايَة عَنْ مَالِك فَإِنْ اِسْتَدَامَ إِحْرَامه إِلَى قَابِل لَمْ يُجْزِئهُ الْحَجّ
( أَيَّام مِنًى ثَلَاثَة )
: مَرْفُوع عَلَى الِابْتِدَاء وَخَبَره قَوْله ثَلَاثَة وَهِيَ الْأَيَّام الْمَعْدُودَات وَأَيَّام التَّشْرِيق وَأَيَّام رَمْي الْجِمَار ، وَهِيَ الثَّلَاثَة الَّتِي بَعْد يَوْم النَّحْر وَلَيْسَ يَوْم النَّحْر مِنْهَا لِإِجْمَاعِ النَّاس عَلَى أَنَّهُ لَا يَجُوز النَّفْر يَوْم ثَانِي النَّحْر ، وَلَوْ كَانَ يَوْم النَّحْر مِنْ الثَّلَاث لَجَازَ أَنْ يَنْفِر مَنْ شَاءَ فِي ثَانِيَة . قَالَهُ الشَّوْكَانِيُّ
( فَمَنْ تَعَجَّلَ )
: أَيْ اِسْتَعْجَلَ بِالنَّفْرِ أَيْ الْخُرُوج مِنْ مِنًى
( فِي يَوْمَيْنِ )
: أَيْ الْيَوْمَيْنِ الْأَخِيرَيْنِ مِنْ أَيَّام التَّشْرِيق فَنَفَرَ فِي الْيَوْم الثَّانِي مِنْهَا بَعْد رَمْي جِمَاره
( فَلَا إِثْمَ عَلَيْهِ )
: بِالتَّعْجِيلِ
( وَمَنْ تَأَخَّرَ )
: عَنْ النَّفْر فِي الْيَوْم الثَّانِي مِنْ أَيَّام التَّشْرِيق إِلَى الْيَوْم الثَّالِث حَتَّى بَاتَ لَيْلَة الثَّالِث وَرَمَى يَوْم الثَّالِث جِمَاره . وَقِيلَ الْمَعْنَى وَمَنْ تَأَخَّرَ عَنْ الثَّالِث إِلَى الرَّابِع وَلَمْ يَنْفِر مَعَ الْعَامَّة . قَالَهُ الشَّوْكَانِيُّ . وَسَقَطَ عَنْهُ مَبِيت اللَّيْلَة الثَّالِثَة وَرَمْي الْيَوْم الثَّالِث وَلَا دَم عَلَيْهِ . وَتَعَجَّلَ جَاءَ لَازِمًا وَمُتَعَدِّيًا وَهُنَا لَازِم لِمُقَابَلَةِ قَوْله وَمَنْ تَأَخَّرَ
( فَلَا إِثْم عَلَيْهِ )
: وَهُوَ أَفْضَل لِكَوْنِ الْعَمَل فِيهِ أَكْمَل لِعَمَلِهِ لِلَّهِ وَقَدْ ذَكَرَ أَهْل التَّفْسِير أَنَّ أَهْل الْجَاهِلِيَّة كَانُوا فِئَتَيْنِ إِحْدَاهُمَا تَرَى الْمُتَعَجِّل آثِمًا وَأُخْرَى تَرَى الْمُتَأَخِّر آثِمًا ، فَوَرَدَ التَّنْزِيل بِنَفْيِ الْحَرَج عَنْهُمَا وَدَلَّ فِعْله عَلَيْهِ الصَّلَاة وَالسَّلَام عَلَى بَيَان الْأَفْضَل مِنْهُمَا كَذَا@

الصفحة 426