كتاب عون المعبود شرح سنن أبي داود (ط. المكبتة السلفية) (اسم الجزء: 5)
: أَيْ أَعْيَيْت دَابَّتِي
( مِنْ حَبْل )
: بِفَتْحِ الْحَاء الْمُهْمَلَة وَإِسْكَان الْمُوَحَّدَة أَحَد حِبَال الرَّمْل وَهُوَ مَا اِجْتَمَعَ فَاسْتَطَالَ وَارْتَفَعَ . قَالَهُ الْجَوْهَرِيّ
( هَذِهِ الصَّلَاة )
: يَعْنِي صَلَاة الْفَجْر بِمُزْدَلِفَة . قَالَ الْخَطَّابِيُّ . وَظَاهِر قَوْله مَنْ أَدْرَكَ مَعَنَا هَذِهِ الصَّلَاة شَرْط لَا يَصِحّ إِلَّا بِشُهُودِهِ جَمْعًا . وَقَدْ قَالَ بِهِ غَيْر وَاحِد مِنْ أَعْيَان أَهْل الْعِلْم قَالَ عَلْقَمَة وَالشَّعْبِيّ وَالنَّخَعِيّ : إِذَا فَاتَهُ جَمْع وَلَمْ يَقِف بِهِ فَقَدْ فَاتَهُ الْحَجّ وَيَجْعَل إِحْرَامه عُمْرَة ، وَمِمَّنْ تَابَعَهُمْ عَلَى ذَلِكَ أَبُو عَبْد الرَّحْمَن الشَّافِعِيّ ، وَإِلَيْهِ ذَهَبَ اِبْن خُزَيْمَةَ وَابْن جَرِير الطَّبَرِيُّ وَاحْتَجُّوا بِقَوْلِهِ تَعَالَى : { فَاذْكُرُوا اللَّه عِنْد الْمَشْعَر الْحَرَام } وَهَذَا نَصّ وَالْأَمْر عَلَى الْوُجُوب فَتَرْكه لَا يَجُوز بِوَجْهٍ . وَقَالَ أَكْثَر الْفُقَهَاء إِنْ فَاتَهُ الْمَبِيت بِالْمُزْدَلِفَةِ وَالْوُقُوف بِهَا أَجْزَأَهُ وَعَلَيْهِ دَم اِنْتَهَى كَلَامه
( لَيْلًا أَوْ نَهَارًا )
: تَمَسَّكَ بِهَذَا أَحْمَد بْن حَنْبَل فَقَالَ وَقْت الْوُقُوف لَا يَخْتَصّ بِمَا بَعْد الزَّوَال بَلْ وَقْته مَا بَيْن طُلُوع الْفَجْر يَوْم عَرَفَة وَطُلُوعه يَوْم الْعِيد لِأَنَّ لَفْظ اللَّيْل وَالنَّهَار مُطْلَقَانِ وَأَجَابَ الْجُمْهُور عَنْ الْحَدِيث بِأَنَّ الْمُرَاد بِالنَّهَارِ مَا بَعْد الزَّوَال بِدَلِيلِ أَنَّهُ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَالْخُلَفَاء الرَّاشِدِينَ بَعْده لَمْ يَقِفُوا إِلَّا بَعْد الزَّوَال وَلَمْ يُنْقَل عَنْ أَحَد أَنَّهُ وَقَفَ قَبْله فَكَأَنَّهُمْ جَعَلُوا هَذَا الْفِعْل مُقَيِّدًا لِذَلِكَ الْمُطْلَق
( فَقَدْ تَمَّ حَجّه )
: فَاعِل تَمَّ . قَالَ الْخَطَّابِيُّ : يُرِيد بِهِ مُعْظَم الْحَجّ وَهُوَ الْوُقُوف لِأَنَّهُ هُوَ الَّذِي يُخَاف عَلَيْهِ الْفَوَات فَأَمَّا طَوَاف الزِّيَارَة فَلَا يُخْشَى فَوَاته وَهَذَا كَقَوْلِهِ " الْحَجّ عَرَفَة " أَيْ مُعْظَم الْحَجّ هُوَ الْوُقُوف
( وَقَضَى )
: ذَلِكَ الْحَاجّ
( تَفَثه )
: مَفْعُول قَضَى قِيلَ الْمُرَاد بِهِ أَنَّهُ أَتَى بِمَا عَلَيْهِ مِنْ الْمَنَاسِك ، وَالْمَشْهُور أَنَّ التَّفَث مَا يَصْنَعهُ الْمُحْرِم عِنْد حِلّه مِنْ تَقْصِير شَعْر أَوْ حَلْقه وَحَلْق الْعَانَة وَنَتْف الْإِبْط وَغَيْره مِنْ خِصَال الْفِطْرَة ، وَيَدْخُل فِي ضِمْن ذَلِكَ نَحْر الْبُدْن وَقَضَاء جَمِيع الْمَنَاسِك لِأَنَّهُ لَا يَقْضِي التَّفَث ، إِلَّا بَعْد ذَلِكَ . وَأَصْل التَّفَث الْوَسَخ وَالْقَذَر . قَالَ الْخَطَّابِيُّ : فِي هَذَا الْحَدِيث مِنْ الْفِقْه أَنَّ مَنْ وَقَفَ بِعَرَفَاتٍ وَقْفَة بَعْد@
الصفحة 428