كتاب عون المعبود شرح سنن أبي داود (ط. المكبتة السلفية) (اسم الجزء: 5)

وَعَلَى هَذَا وَفِي الْكَلَام تَقْدِيم وَتَأْخِير وَتَقْدِيره فَوَضَعَ إِصْبَعَيْهِ السَّبَّابَتَيْنِ فِي أُذُنَيْهِ حَتَّى بَلَغَ الْجِمَار
( ثُمَّ قَالَ )
: أَيْ رَمَى . وَفِيهِ اِسْتِعَارَة الْقَوْل لِلْفِعْلِ وَهُوَ كَثِير فِي السُّنَّة ، وَالْمُرَاد أَنَّهُ وَضَعَ إِحْدَى السَّبَّابَتَيْنِ عَلَى الْأُخْرَى لِيُرِيَهُمْ أَنَّهُ يُرِيد حَصَى الْخَذْف . قَالَهُ الشَّوْكَانِيُّ . وَقَالَ فِي مَوْضِع آخَر : يُحْتَمَل أَنْ يَكُون الْمُرَاد بِالْقَوْلِ الْقَوْل النَّفْسِيّ كَمَا قَالَ تَعَالَى { وَيَقُولُونَ فِي أَنْفُسهمْ } وَيَكُون الْمُرَاد هُنَا النِّيَّة لِلرَّمْيِ . قَالَ أَبُو حَيَّان : وَتَرَاكِيب الْقَوْل السِّتّ تَدُلّ عَلَى مَعْنَى الْخِفَّة وَالسُّرْعَة ، فَلِهَذَا عَبَّرَ هُنَا بِالْقَوْلِ
( بِحَصَى الْخَذْف )
: بِالْحَاءِ الْمُهْمَلَة وَالذَّال الْمُعْجَمَة ، وَيُرْوَى بِالْخَاءِ وَالذَّال الْمُعْجَمَتَيْنِ . قَالَ الشَّوْكَانِيُّ : وَالثَّانِي هُوَ الْأَصْوَب .
قَالَ الْجَوْهَرِيّ فِي فَصْل الْحَاء الْمُهْمَلَة : حَذَفْته بِالْعَصَا أَيْ رَمَيْته بِهَا ، وَفِي فَصْل الْخَاء الْمُعْجَمَة خَذْف الْحَصَى الرَّمْي بِهِ بِالْأَصَابِعِ وَقَالَ الْأَزْهَرِيّ : حَصَى الْخَذْف صِغَار مِثْل النَّوَى يُرْمَى بِهَا بَيْن إِصْبَعَيْنِ . قَالَ الشَّافِعِيّ : حَصَى الْخَذْف أَصْغَر مِنْ الْأُنْمُلَة طُولًا وَعَرْضًا ، وَمِنْهُمْ مَنْ قَالَ بِقَدْرِ الْبَاقِلَّا . وَقَالَ النَّوَوِيّ : بِقَدْرِ النَّوَاة وَكُلّ هَذِهِ الْمَقَادِير مُتَقَارِبَة لِأَنَّ الْخَذْف بِالْمُعْجَمَتَيْنِ لَا يَكُون إِلَّا بِالصَّغِيرِ
( فِي مُقَدَّم الْمَسْجِد )
: أَيْ مَسْجِد الْخَيْف الَّذِي بِمِنًى ، وَلَعَلَّ الْمُرَاد بِالْمُقَدَّمِ الْجِهَة
( ثُمَّ نَزَلَ النَّاس )
: بِرَفْعِ النَّاس عَلَى أَنَّهُ فَاعِل ، وَفِي نُسْخَة مِنْ سُنَن أَبِي دَاوُدَ ، ثُمَّ نَزَّلَ بِتَشْدِيدِ الزَّاي كَذَا فِي النَّيْل .
قَالَ الْمُنْذِرِيُّ : وَأَخْرَجَهُ النَّسَائِيُّ .@

الصفحة 437