كتاب عون المعبود شرح سنن أبي داود (ط. المكبتة السلفية) (اسم الجزء: 5)
1673 -
قَالَ صَاحِبُ عَوْنِ الْمَعْبُودِ :
( فَبَاتَ بِمِنًى وَظَلَّ )
: ظَلَّ عَطْف عَلَى بَاتَ أَيْ بَاتَ بِمِنًى وَظَلَّ بِمِنًى ، وَظَلَّ وَبَاتَ مِنْ الْأَفْعَال النَّاقِصَة مَوْضُوعَتَانِ لِاقْتِرَانِ مَضْمُون الْجُمْلَة بِوَقْتَيْهِمَا . فَمَعْنَى ظَلَّ زَيْد سَائِرًا كَانَ زَيْد فِي جَمِيع النَّهَار سَائِرًا ، فَاقْتَرَنَ مَضْمُون الْجُمْلَة وَهُوَ سَيْر زَيْد بِجَمِيعِ النَّهَار مُسْتَغْرِقًا لَهُ . وَمَعْنَى بَاتَ زَيْد سَائِرًا كَانَ زَيْد فِي جَمِيع اللَّيْل سَائِرًا ، فَاقْتَرَنَ مَضْمُون الْجُمْلَة أَعَنَى سَيْر زَيْد بِجَمِيعِ اللَّيْل مُسْتَغْرِقًا لَهُ . فَمَعْنَى قَوْل اِبْن عُمَر إِنَّ رَسُول اللَّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كَانَ فِي جَمِيع اللَّيْل وَالنَّهَار مُقِيمًا بِمِنًى أَيَّام مِنًى يَعْنِي أَنَّهُ لَمْ يَبِتْ بِمَكَّة أَيَّام مِنًى أَصْلًا لَيْلًا وَلَا نَهَارًا ، وَأَمَّا نَحْنُ فَلَمْ نَكُنْ كَذَلِكَ ، فَإِنَّ مِنَّا مَنْ كَانَ يَبِيت بِمَكَّة أَيَّام مِنًى لِضَرُورَةٍ دَاعِيَة إِلَى بَيْتُوتَة بِهَا مِثْل حِفْظِ الْمَال وَسِقَايَة الْحَجّ ، فَنَحْنُ نَتَبَايَع بِأَمْوَالِ النَّاس فَيَأْتِي أَحَدنَا مَكَّة أَيَّام مِنًى فَيَبِيت هُنَاكَ مِنْ أَجْل حِفْظ الْمَال الَّذِي كُنَّا نَتَبَايَع بِهِ ، كَمَا أَنَّ الْعَبَّاس رَضِيَ اللَّه عَنْهُ يَبِيت بِهَا مِنْ أَجْل سِقَايَته وَفِقْه الْحَدِيث أَنَّ لِلْحَاجِّ رُخْصَة فِي بَيْتُوتَته بِمَكَّة أَيَّام مِنًى إِذَا دَعَتْ إِلَيْهَا الضَّرُورَة وَلَيْسَتْ مَقْصُورَة عَلَى سِقَايَة الْحَاجّ بَلْ يَعُمّهَا وَغَيْرهَا مِنْ الضَّرُورَات كَذَا فِي الشَّرْح . وَقَالَ فِي فَتْح الْوَدُود : يُرِيد اِبْن عُمَر أَنَّ فِعْلكُمْ يُخَالِف السُّنَّة وَمُقْتَضَى حَدِيث الْعَبَّاس الْآتِي أَنَّهُ لَا إِسَاءَة@
الصفحة 438