كتاب عون المعبود شرح سنن أبي داود (ط. المكبتة السلفية) (اسم الجزء: 5)

فِي الْمَعْذُور فِي تَرْك الْمَبِيت اِنْتَهَى . قَالَ الْخَطَّابِيُّ : قَدْ اِخْتَلَفَ أَهْل الْعِلْم فِي الْمَبِيت بِمَكَّة لَيَالِي مِنًى لِحَاجَةٍ مِنْ حِفْظ مَال وَنَحْوه ، فَكَانَ اِبْن عَبَّاس يَقُول لَا بَأْس بِهِ إِذَا كَانَ لِلرَّجُلِ مَتَاع بِمَكَّة يَخْشَى عَلَيْهِ إِنْ بَاتَ بِمِنًى . وَقَالَ أَبُو حَنِيفَة وَأَصْحَابه : لَا شَيْء عَلَى مَنْ كَانَ بِمَكَّة أَيَّام مِنًى إِذَا رَمَى الْجَمْرَة وَقَدْ أَسَاءَ . وَقَالَ الشَّافِعِيّ : لَيْسَتْ الرُّخْصَة فِي هَذَا إِلَّا لِأَهْلِ السِّقَايَة ، وَمَنْ مَذْهَبه أَنَّ فِي لَيْلَة دِرْهَمًا وَفِي لَيْلَتَيْنِ دِرْهَمَيْنِ وَفِي لَيَالٍ دَم . وَكَانَ مَالِك يَرَى عَلَيْهِ فِي لَيْلَة وَاحِدَة دَمًا اِنْتَهَى .
وَالْحَدِيث سَكَتَ عَنْهُ الْمُنْذِرِيُّ .
1674 -
قَالَ صَاحِبُ عَوْنِ الْمَعْبُودِ :
( أَنْ يَبِيت بِمَكَّة لَيَالِي مِنًى مِنْ أَجْل سِقَايَته )
: أَيْ الَّتِي بِالْمَسْجِدِ الْحَرَام الْمَمْلُوءَة مِنْ مَاء زَمْزَم الْمَنْدُوب الشُّرْب مِنْهَا عَقِب طَوَاف الْإِفَاضَة وَغَيْره إِذَا لَمْ يَتَيَسَّر الشُّرْب مِنْ الْبِئْر لِلْخَلْقِ الْكَثِير وَهِيَ الْآن بَرَكَة وَكَانَتْ حِيَاضًا فِي يَد قُصَيّ ، ثُمَّ مِنْهُ لِابْنِهِ عَبْد مُنَافٍ ، ثُمَّ مِنْهُ لِابْنِهِ هَاشِم ، ثُمَّ مِنْهُ لِابْنِهِ عَبْد الْمُطَّلِب ، ثُمَّ مِنْهُ لِابْنِهِ الْعَبَّاس ، ثُمَّ مِنْهُ لِابْنِهِ عَبْد اللَّه ، ثُمَّ مِنْهُ لِابْنِهِ عَلِيّ ، وَهَكَذَا إِلَى الْآن لَهُمْ نُوَّاب يَقُومُونَ بِهَا ، قَالُوا وَهُوَ لِآلِ عَبَّاس أَبَدًا
( فَأَذِنَ لَهُ )
: قَالَ بَعْض الْعُلَمَاء : يَجُوز لِمَنْ هُوَ مَشْغُول بِالِاسْتِقَاءِ مِنْ سِقَايَة الْعَبَّاس لِأَجْلِ النَّاس أَنْ يَتْرُك الْمَبِيت بِمِنًى لَيَالِي مِنًى وَيَبِيت بِمَكَّة وَلِمَنْ لَهُ عُذْر شَدِيد أَيْضًا ، فَلَا يَجُوز تَرْك السُّنَّة إِلَّا بِعُذْرٍ وَمَعَ الْعُذْر تَرْتَفِع عَنْهُ الْإِسَاءَة . وَأَمَّا عِنْد الشَّافِعِيّ فَيَجِب الْمَبِيت فِي أَكْثَر اللَّيْل . وَمِنْ الْأَعْذَار الْخَوْف عَلَى نَفْس أَوْ مَال أَوْ ضَيَاع مَرِيض أَوْ حُصُول مَرَض لَهُ @

الصفحة 439