كتاب عون المعبود شرح سنن أبي داود (ط. المكبتة السلفية) (اسم الجزء: 5)

فِي عُمْدَة الْقَارِيّ . وَقَالَ الْحَافِظ فِي فَتْح الْبَارِي : قَالَ الدَّاوُدِيّ خَشِيَ اِبْن مَسْعُود أَنْ لَا يُجْزِئ الْأَرْبَع فَاعِلهَا وَتَبِعَ عُثْمَان كَرَاهِيَة لِخِلَافِهِ وَأَخْبَرَ بِمَا يَعْتَقِدهُ . وَقَالَ غَيْره : يُرِيد أَنَّهُ لَوْ صَلَّى أَرْبَعًا تَكَلَّفَهَا فَلَيْتَهَا تُقْبَل كَمَا تُقْبَل الرَّكْعَتَانِ اِنْتَهَى . وَاَلَّذِي يَظْهَر أَنَّهُ قَالَ ذَلِكَ عَلَى سَبِيل التَّفْوِيض إِلَى اللَّه لِعَدَمِ اِطِّلَاعه عَلَى الْغَيْب وَهَلْ يَقْبَل اللَّه صَلَاتَهُ أَمْ لَا فَتَمَنَّى أَنْ يُقْبَل مِنْهُ مِنْ الْأَرْبَع الَّتِي يُصَلِّيهَا رَكْعَتَانِ وَلَوْ لَمْ يُقْبَل الزَّائِد ، وَهُوَ يُشْعِر بِأَنَّ الْمُسَافِر عِنْده مُخَيَّر بَيْن الْقَصْر وَالْإِتْمَام وَالرَّكْعَتَانِ لَا بُدّ مِنْهُمَا ، وَمَعَ ذَلِكَ فَكَانَ يَخَاف أَنْ لَا يُقْبَل مِنْهُ شَيْء ، فَحَاصِله أَنَّهُ قَالَ إِنَّمَا أَتَمَّ مُتَابَعَة لِعُثْمَان وَلَيْتَ اللَّه قَبِلَ مِنِّي رَكْعَتَيْنِ مِنْ الْأَرْبَع . قَالَ الْخَطَّابِيُّ : لَوْ كَانَ الْمُسَافِر لَا يَجُوز لَهُ الْإِتْمَام كَمَا يَجُوز لَهُ الْقَصْر لَمْ يُتَابِعُوا عُثْمَان إِذْ لَا يَجُوز عَلَى الْمَلَأ مِنْ الصَّحَابَة مُتَابَعَته عَلَى الْبَاطِل ، فَدَلَّ ذَلِكَ عَلَى أَنَّ مِنْ رَأْيهمْ جَوَازَ الْإِتْمَام وَإِنْ كَانَ الِاخْتِيَار عِنْد كَثِير مِنْهُمْ الْقَصْر ، أَلَا تَرَى أَنَّ عَبْد اللَّه أَتَمَّ الصَّلَاة بَعْد ذَلِكَ وَاعْتَذَرَ بِقَوْلِهِ الْخِلَاف شَرّ ، فَلَوْ كَانَ الْإِتْمَام لَا يَجُوز لَكَانَ الْخِلَاف لَهُ خَيْرًا مِنْ الشَّرّ إِلَّا أَنَّهُ رُوِيَ عَنْ إِبْرَاهِيم أَنَّهُ قَالَ إِنَّمَا صَلَّى عُثْمَان رَضِيَ اللَّه عَنْهُ أَرْبَعًا لِأَنَّهُ كَانَ اِتَّخَذَهَا وَطَنًا . وَعَنْ الزُّهْرِيّ أَنَّهُ قَالَ إِنَّمَا فَعَلَ ذَلِكَ لِأَنَّهُ اِتَّخَذَ الْأَمْوَال بِالطَّائِفِ وَأَرَادَ أَنْ يُقِيم بِهَا ، وَكَانَ مِنْ مَذْهَب اِبْن عَبَّاس رَضِيَ اللَّه عَنْهُ أَنَّ الْمُسَافِر إِذَا قَدِمَ عَلَى أَهْل أَوْ مَاشِيَة أَتَمَّ الصَّلَاة . وَقَالَ أَحْمَد بْن حَنْبَل بِمِثْلِ قَوْل اِبْن عَبَّاس اِنْتَهَى .
قَالَ الْمُنْذِرِيُّ : وَأَخْرَجَهُ الْبُخَارِيّ وَمُسْلِم وَالنَّسَائِيُّ مُخْتَصَرًا وَمُطَوَّلًا وَلَيْسَ فِي حَدِيثهمْ مَا ذَكَرَهُ اِبْن قُرَّة عَنْ اِبْن مَسْعُود .
( لِأَنَّهُ أَجْمَعَ )
: أَيْ أَجْمَعَ عَزِيمَته وَصَمَّمَ قَصْده عَلَى الْإِقَامَة بَعْد الْحَجّ .
قَالَ الْمُنْذِرِيُّ : هَذَا مُنْقَطِع ، الزُّهْرِيّ لَمْ يُدْرِك عُثْمَان رَضِيَ اللَّه عَنْهُ .@

الصفحة 441