كتاب عون المعبود شرح سنن أبي داود (ط. المكبتة السلفية) (اسم الجزء: 5)
الشَّافِعِيّ : يُسْتَحَبّ لِمَنْ وَصَلَ مِنًى رَاكِبًا أَنْ يَرْمِي جَمْرَة الْعَقَبَة يَوْم النَّحْر رَاكِبًا وَمَنْ وَصَلَهَا مَاشِيًا أَنْ يَرْمِيهَا مَاشِيًا ، وَفِي الْيَوْمَيْنِ الْأَوَّلَيْنِ مِنْ التَّشْرِيق يَرْمِي جَمِيع الْجَمَرَات مَاشِيًا ، وَفِي الْيَوْم الثَّالِث رَاكِبًا : وَقَالَ أَحْمَد وَإِسْحَاق : يُسْتَحَبّ يَوْم النَّحْر أَنْ يَرْمِي مَاشِيًا . ذَكَرَهُ الطِّيبِيُّ
( لِتَأْخُذُوا )
: بِكَسْرِ اللَّام .
قَالَ النَّوَوِيّ : هِيَ لَام الْأَمْر وَمَعْنَاهُ خُذُوا مَنَاسِككُمْ قَالَ : وَهَكَذَا وَقَعَ فِي رِوَايَة غَيْر مُسْلِم وَتَقْدِير الْحَدِيث أَنَّ هَذِهِ الْأُمُور الَّتِي أَتَيْت بِهَا فِي حَجَّتِي مِنْ الْأَقْوَال وَالْأَفْعَال وَالْهَيْئَات هِيَ أُمُور الْحَجّ وَصِفَته ، وَالْمَعْنَى اِقْبَلُوهَا وَاحْفَظُوهَا وَاعْمَلُوا بِهَا وَعَلِّمُوهَا النَّاس
( قَالَ لَا أَدْرِي )
: وَلَفْظ مُسْلِم : فَإِنِّي لَا أَدْرِي
( لَعَلِّي لَا أَحُجّ بَعْد حَجَّتِي )
: بِفَتْحِ الْحَاء مَصْدَر
( هَذِهِ )
: الَّتِي فِي تِلْكَ السَّنَة الْحَاضِرَة وَفِيهِ إِشَارَة إِلَى تَوْدِيعهمْ وَإِعْلَامهمْ بِقُرْبِ وَفَاته صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ، وَلِهَذَا سُمِّيَتْ حِجَّة الْوَدَاع .
وَرَوَى الْبَيْهَقِيُّ وَابْن عَبْد الْبَرّ أَنَّهُ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ رَمَى أَيَّام التَّشْرِيق مَاشِيًا قَالَ الْبَيْهَقِيُّ : فَإِنْ صَحَّ هَذَا كَانَ أَوْلَى بِالِاتِّبَاعِ . وَقَالَ غَيْره : قَدْ صَحَّحَهُ التِّرْمِذِيّ . قَالَ اِبْن عَبْد الْبَرّ : وَفَعَلَهُ جَمَاعَة مِنْ الْخُلَفَاء بَعْده وَعَلَيْهِ الْعَمَل وَحَسْبك مَا رَوَاهُ الْقَاسِم بْن مُحَمَّد مِنْ فِعْل النَّاس ، وَلَا خِلَاف أَنَّهُ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ؛ وَقَفَ بِعَرَفَة رَاكِبًا وَرَمَى الْجِمَار مَاشِيًا وَذَلِكَ مَحْفُوظ مِنْ حَدِيث جَابِر اِنْتَهَى .
قُلْت : وَيُسْتَثْنَى مِنْهُ رَمْي جَمْرَة الْعَقَبَة فِي أَوَّل أَيَّام النَّحْر وَحَدِيث جَابِر هَذَا@
الصفحة 446