كتاب عون المعبود شرح سنن أبي داود (ط. المكبتة السلفية) (اسم الجزء: 5)

الْمَنْزِلَة فَكَيْف جَعَلَ النَّبِيّ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عُمْرَة رَمَضَان كَحَجَّةٍ
( وَ ) : لَا شَكّ ( قَدْ قَالَ هَذَا )
: الْقَوْل أَيْ الْعُمْرَة فِي رَمَضَان تَعْدِل حَجَّة
( فَمَا أَدْرِي أَلِي خَاصَّة )
: أَوْ لِجَمِيعِ الْأُمَّة عَامَّة .
قَالَ الْحَافِظ فِي الْفَتْح : قَالَ اِبْن خُزَيْمَةَ فِي هَذَا الْحَدِيث : إِنَّ الشَّيْء يُشَبَّه بِالشَّيْءِ وَيُجْعَل عِدْله إِذَا أَشْبَهَهُ فِي بَعْض الْمَعَانِي لَا جَمِيعهَا ، لِأَنَّ الْعُمْرَة لَا يَقْضِي بِهَا فَرْض الْحَجّ وَلَا النَّذْر . وَقَالَ اِبْن بَطَّال : وَفِيهِ دَلِيل عَلَى أَنَّ الْحَجّ الَّذِي نَدَبَهَا إِلَيْهِ كَانَ تَطَوُّعًا لِإِجْمَاعِ الْأُمَّة عَلَى أَنَّ الْعُمْرَة لَا تُجْزِئ عَنْ حَجَّة الْفَرِيضَة . فَالْحَاصِل أَنَّهُ أَعْلَمَهَا أَنَّ الْعُمْرَة فِي رَمَضَان تَعْدِل الْحَجَّة فِي الثَّوَاب لَا أَنَّهَا تَقُوم مَقَامهَا فِي إِسْقَاط الْفَرْض لِلْإِجْمَاعِ عَلَى أَنَّ الِاعْتِمَار لَا يُجْزِئ عَنْ حَجّ الْفَرْض . وَنَقَلَ التِّرْمِذِيّ عَنْ إِسْحَاق بْن رَاهْوَيْهِ أَنَّ مَعْنَى الْحَدِيث نَظِير مَا جَاءَ أَنَّ قُلْ هُوَ اللَّهُ أَحَد تَعْدِل ثُلُث الْقُرْآن . وَقَالَ اِبْن الْعَرَبِيّ : حَدِيث الْعُمْرَة صَحِيح وَهُوَ مِنْ فَضْل اللَّه وَنِعْمَته فَقَدْ أَدْرَكَتْ الْعُمْرَة مَنْزِلَة الْحَجّ بِانْضِمَامِ رَمَضَان إِلَيْهَا . وَقَالَ اِبْن الْجَوْزِيّ : فِيهِ أَنَّ ثَوَاب الْعَمَل يَزِيد بِزِيَادَةِ شَرَف الْوَقْت كَمَا يَزِيد بِحُضُورِ الْقَلْب وَبِخُلُوصِ الْقَصْد . وَقَالَ غَيْره : يُحْتَمَل أَنْ يَكُون الْمُرَاد عُمْرَة فَرِيضَة فِي رَمَضَان كَحَجَّةِ فَرِيضَة وَعُمْرَة نَافِلَة فِي رَمَضَان كَحَجَّةِ نَافِلَة .
وَيُحْتَمَل أَنْ يَكُون لِبَرَكَةِ رَمَضَان ، وَيُحْتَمَل أَنْ يَكُون مَخْصُوصًا بِهَذِهِ الْمَرْأَة . قَالَ الْحَافِظ : الثَّالِث قَالَ بِهِ بَعْض الْمُتَقَدِّمِينَ كَسَعِيدِ بْن جُبَيْر فَإِنَّهُ قَالَ . وَلَا نَعْلَم هَذَا إِلَّا لِهَذِهِ الْمَرْأَة وَحْدهَا ، وَهَكَذَا وَقَعَ عِنْد أَبِي دَاوُدَ مِنْ قَوْل أُمّ مَعْقِل ، وَالظَّاهِر حَمْله عَلَى الْعُمُوم . اِنْتَهَى .
قَالَ الْمُنْذِرِيُّ : فِي إِسْنَاده مُحَمَّد بْن إِسْحَاق . وَقَالَ النَّمَرِيّ : أُمّ طُلَيْق لَهَا صُحْبَة حَدِيثهَا مَرْفُوع : عُمْرَة فِي رَمَضَان تَعْدِل حَجَّة فِيهَا نَظَر . وَقَالَ أَيْضًا : أُمّ مَعْقِل الْأَنْصَارِيَّة وَهِيَ أُمّ طُلَيْق لَهَا كُنْيَتَانِ اِنْتَهَى . قَالَ الْحَافِظ : وَزَعَمَ اِبْن عَبْد الْبَرّ@

الصفحة 464