كتاب عون المعبود شرح سنن أبي داود (ط. المكبتة السلفية) (اسم الجزء: 5)

وَجْهَيْنِ أَحَدهمَا قَوْله اُرْفُضِيهَا وَدَعِيهَا ، وَالثَّانِي أَمْره لَهَا بِالِامْتِشَاطِ . قِيلَ مَعْنَى قَوْله اُرْفُضِيهَا أَيْ اُتْرُكِي أَفْعَالهَا وَالِاقْتِصَار عَلَيْهَا وَكُونِي فِي حَجَّة مَعَهَا ، وَيَتَعَيَّن أَنْ يَكُون هَذَا الْمُرَاد بِقَوْلِهِ : " حَلَلْت مِنْهُمَا جَمِيعًا " لَمَّا قَضَيْت أَعْمَال الْحَجّ . وَقَوْله : " يَسَعك طَوَافك لِحَجِّك وَعُمْرَتك " فَهَذَا صَرِيح أَنَّ إِحْرَام الْعُمْرَة لَمْ تُرْفَض وَإِنَّمَا رُفِضَتْ أَعْمَالهَا وَالِاقْتِصَار عَلَيْهَا ، وَأَنَّهَا بِقَضَاءِ حَجَّتهَا اِنْقَضَى حَجَّتهَا وَعُمْرَتهَا ، ثُمَّ أَعْمَرَهَا مِنْ التَّنْعِيم تَطْيِيبًا لِقَلْبِهَا إِذْ تَأْتِي بِعُمْرَةٍ مُسْتَقِلَّة كَصَوَاحِبَاتِهَا . وَيُوَضِّح ذَلِكَ إِيضَاحًا بَيِّنًا مَا رَوَى مُسْلِم فِي صَحِيحه وَلَفْظ : " قَالَتْ عَائِشَة وَخَرَجْنَا مَعَ رَسُول اللَّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي حَجَّة الْوَدَاع فَحِضْت فَلَمْ أَزَلْ حَائِضًا حَتَّى كَانَ يَوْم عَرَفَة وَلَمْ أُهِلّ إِلَّا بِعُمْرَةٍ فَأَمَرَنِي رَسُول اللَّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنْ أَنْقُض رَأْسِي وَأَمْتَشِط وَأُهِلّ بِالْحَجِّ وَأَتْرُك الْعُمْرَة ، قَالَتْ فَفَعَلْت ذَلِكَ حَتَّى إِذَا قَضَيْت حَجِّي بَعَثَ مَعِي رَسُول اللَّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَبْد الرَّحْمَن بْن أَبِي بَكْر وَأَمَرَنِي أَنْ أَعْتَمِر مِنْ التَّنْعِيم مَكَان عُمْرَتِي الَّتِي أَدْرَكَنِي الْحَجّ وَلَمْ أُحِلّ مِنْهُمَا " فَهَذَا حَدِيث فِي غَايَة الصِّحَّة وَالصَّرَاحَة أَنَّهَا لَمْ تَكُنْ أَحَلَّتْ مِنْ عُمْرَتهَا وَأَنَّهَا بَقِيَتْ مُحْرِمَة بِهَا حَتَّى أَدْخَلَتْ عَلَيْهَا الْحَجّ ، فَهَذَا خَبَرهَا عَنْ نَفْسهَا وَذَلِكَ قَوْل رَسُول اللَّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لَهَا كُلّ مِنْهُمَا يُوَافِق الْآخَر ، كَذَا فِي زَاد الْمَعَاد .
1704 -
قَالَ صَاحِبُ عَوْنِ الْمَعْبُودِ :
( أُخْتك عَائِشَة )
: بَدَل مِنْ أُخْتك
( فَإِذَا هَبَطْت )
: مِنْ بَاب ضَرَبَ أَيْ نَزَلْت
( بِهَا )
: أَيْ عَائِشَة
( مِنْ الْأَكَمَة )
: تَلّ ، وَقِيلَ شُرْفَة كَالرَّابِيَةِ وَهُوَ مَا اِجْتَمَعَ مِنْ الْحِجَارَة فِي مَكَان وَاحِد وَرُبَّمَا غَلُظَ وَرُبَّمَا لَمْ يَغْلُظ وَالْجَمْع أَكَم وَأَكَمَات مِثْل قَصَبَة وَقَصَب وَقَصَبَات وَجَمْع الْأَكَم آكَام مِثْل جَبَل وَجِبَال وَجَمْع الْآكَام أُكُم بِضَمَّتَيْنِ مِثْل كِتَاب وَكُتُب وَجَمَعَ الْأُكُم آكَام مِثْل عُنُق وَأَعْنَاق كَذَا فِي الْمِصْبَاح .
قَالَ الْمُنْذِرِيُّ : قَالَ أَبُو بَكْر @

الصفحة 475