كتاب عون المعبود شرح سنن أبي داود (ط. المكبتة السلفية) (اسم الجزء: 5)

أَهْل خَيْبَر فِي دَم الْقَتِيل الَّذِي وُجِدَ بِهَا مِنْهُمْ فَإِنَّهُ لَا مَصْرِف لِمَالِ الصَّدَقَات فِي الدِّيَات . وَقَدْ اِخْتَلَفَ النَّاس فِي قَدْر مَا يُعْطَى الْفَقِير مِنْ الصَّدَقَة فَكَرِهَ أَبُو حَنِيفَة وَأَصْحَابه أَنْ يَبْلُغ مِائَتَيْ دِرْهَم إِذَا لَمْ يَكُنْ عَلَيْهِ دَيْن أَوْ لَهُ عِيَال . وَكَانَ سُفْيَان الثَّوْرِيّ يَقُول : لَا يُدْفَع إِلَى رَجُل مِنْ الزَّكَاة أَكْثَر مِنْ خَمْسِينَ دِرْهَمًا . وَكَذَلِكَ قَالَ أَحْمَد بْن حَنْبَل . وَعَلَى مَذْهَب الشَّافِعِيّ : يَجُوز أَنْ يُعْطَى عَلَى قَدْر حَاجَته مِنْ غَيْر تَحْدِيد فِيهِ ، فَإِذَا زَالَ اِسْم الْفَقْر عَنْهُ لَمْ يُعْطَ . وَقَدْ يَحْتَجّ بِهَا مَنْ يَرَى جَمْع الصَّدَقَة مِنْ صِنْف وَاحِد مِنْ أَهْل السُّهْمَان الثَّمَانِيَة اِنْتَهَى .
قَالَ الْمُنْذِرِيّ : وَأَخْرَجَهُ الْبُخَارِيّ وَمُسْلِم وَالتِّرْمِذِيّ وَالنَّسَائِيّ وَابْن مَاجَهْ مُخْتَصَرًا وَمُطَوَّلًا فِي الْقِصَّة الْمَشْهُورَة اِنْتَهَى .
1396 -
قَالَ صَاحِبُ عَوْنِ الْمَعْبُودِ :
( حَفْص بْن عُمَر النَّمِرِيّ )
: بِفَتْحَتَيْنِ نِسْبَة إِلَى نَمِر
( قَالَ الْمَسَائِل )
: جَمْع الْمَسْأَلَة وَجُمِعَتْ لِاخْتِلَافِ أَنْوَاعهَا وَالْمُرَاد هُنَا سُؤَال أَمْوَال النَّاس
( كَدُوْحِ )
: مِثْل صَبُور لِلْمُبَالَغَةِ مِنْ الْكَدْح بِمَعْنَى الْجُرْح أَوْ هِيَ آثَار الْخُمُوش . قَالَ فِي الْمِرْقَاة : فَالْإِخْبَار بِهِ عَنْ الْمَسَائِل بِاعْتِبَارِ مَنْ قَامَتْ بِهِ ، أَيْ سَائِل النَّاس أَمْوَالهمْ جَارِح لَهُمْ بِمَعْنَى مُؤْذِيهمْ أَوْ جَارِح وَجْهه ، وَبِضَمِّ الْكَاف جَمْع كَدْح وَهُوَ أَثَر مُسْتَنْكَر مِنْ خَدْش أَوْ عَضّ ، وَالْجَمْع هُنَا أَنْسَب لِيُنَاسِب الْمَسَائِل
( يَكْدَح بِهَا الرَّجُل )
: أَيْ يَجْرَح وَيَشِين بِالسَّائِلِ
( وَجْهه )
: وَيَسْعَى فِي ذَهَاب عِرْضه بِالسُّؤَالِ يُرِيق مَاء وَجْهه@

الصفحة 48