كتاب عون المعبود شرح سنن أبي داود (ط. المكبتة السلفية) (اسم الجزء: 5)
الرُّجُوع إِلَى الْمَدِينَة لِانْتِظَارِ طَوَافهَا
( فَلَا إِذًا )
: جَوَاب وَجَزَاء أَيْ إِذَا كَانَ كَذَلِكَ أَنَّهَا أَفَاضَتْ فَلَا أَمْنَعهَا لِلْخُرُوجِ . وَنَظِيره مَا رَوَى الْبُخَارِيّ فِي الْأَشْرِبَة " نَهَى رَسُول اللَّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَنْ الظُّرُوف فَقَالَتْ الْأَنْصَار إِنَّهُ لَا بُدّ لَنَا مِنْهَا قَالَ فَلَا إِذَا " قَالَ فِي الْفَتْح : فَلَا إِذَا جَوَاب وَجَزَاء أَيْ إِذَا كَانَ كَذَلِكَ لَا بُدّ لَكُمْ مِنْهَا فَلَا تَدَعُوهَا . وَفِي لَفْظ الشَّيْخَيْنِ " قُلْت يَا رَسُول اللَّه إِنَّهَا قَدْ أَفَاضَتْ وَطَافَتْ بِالْبَيْتِ ثُمَّ حَاضَتْ بَعْد الْإِفَاضَة " قَالَ فَلْتَنْفِرْ إِذَنْ " أَيْ فَلَا حَبْس عَلَيْنَا حِينَئِذٍ لِأَنَّهَا قَدْ أَفَاضَتْ فَلَا مَانِع مِنْ التَّوَجُّه ، وَاَلَّذِي يَجِب عَلَيْهَا قَدْ فَعَلَتْهُ . وَفِي رِوَايَة لِلْبُخَارِيِّ فَلَا بَأْس اِنْفِرِي ، وَفِي رِوَايَة لَهُ اُخْرُجِي ، وَفِي رِوَايَة فَلْتَنْفِرْ وَمَعَانِيهَا مُتَقَارِبَة ، وَالْمُرَاد بِهَا الرَّحِيل مِنْ مِنًى إِلَى جِهَة الْمَدِينَة . قَالَ اِبْن الْمُنْذِر : قَالَ عَامَّة الْفُقَهَاء بِالْأَمْصَارِ : لَيْسَ عَلَى الْحَائِض الَّتِي طَافَتْ طَوَاف الْإِفَاضَة طَوَاف الْوَدَاع . وَرَوَيْنَا عَنْ عُمَر وَابْنه وَزَيْد بْن ثَابِت أَنَّهُمْ أَمَرُوهَا بِالْمَقَامِ إِذَا كَانَتْ حَائِضًا لِطَوَافِ الْوَدَاع كَأَنَّهُمْ أَوْجَبُوهُ عَلَيْهَا كَطَوَافِ الْإِفَاضَة ، إِذْ لَوْ حَاضَتْ قَبْله لَمْ يَسْقُط عَنْهَا . قَالَ : وَقَدْ ثَبَتَ رُجُوع اِبْن عُمَر وَزَيْد بْن ثَابِت عَنْ ذَلِكَ ، وَبَقِيَ عُمَر فَخَالَفْنَاهُ لِثُبُوتِ حَدِيث عَائِشَة . وَرَوَى اِبْن أَبِي شَيْبَة مِنْ طَرِيق الْقَاسِم بْن مُحَمَّد : كَانَ الصَّحَابَة يَقُولُونَ إِذَا أَفَاضَتْ قَبْل أَنْ تَحِيض فَقَدْ فَرَغَتْ إِلَّا عُمَر .
قَالَ الْمُنْذِرِيُّ : وَأَخْرَجَهُ الْبُخَارِيّ وَمُسْلِم وَالنَّسَائِيُّ مِنْ حَدِيث الزُّهْرِيّ عَنْ عُرْوَة وَأَبِي سَلَمَة بْن عَبْد الرَّحْمَن عَنْ عَائِشَة بِمَعْنَاهُ .@
الصفحة 487