كتاب عون المعبود شرح سنن أبي داود (ط. المكبتة السلفية) (اسم الجزء: 5)

( يُعِفّهُ اللَّه )
: يَجْعَلهُ عَفِيفًا مِنْ الْإِعْفَاف . وَهُوَ إِعْطَاء الْعِفَّة وَهِيَ الْحِفْظ عَنْ الْمَنَاهِي ، يَعْنِي مَنْ قَنَعَ بِأَدْنَى قُوت وَتَرَكَ السُّؤَال تَسْهُل عَلَيْهِ الْقَنَاعَة وَهِيَ كَنْز لَا يَفْنَى
( وَمَنْ يَسْتَغْنِ )
: أَيْ يُظْهِر الْغِنَى بِالِاسْتِغْنَاءِ عَنْ أَمْوَال النَّاس وَالتَّعَفُّف عَنْ السُّؤَال حَتَّى يَحْسَبهُ الْجَاهِل غَنِيًّا مِنْ التَّعَفُّف
( يُغْنِهِ اللَّه )
: أَيْ يَجْعَلهُ غَنِيًّا أَيْ بِالْقَلْبِ لِأَنَّ الْغِنَى لَيْسَ عَنْ كَثْرَة الْعَرَض إِنَّمَا غِنَى النَّفْس
( وَمَنْ يَتَصَبَّر )
: أَيْ يَطْلُب تَوْفِيق الصَّبْر مِنْ اللَّه لِأَنَّهُ قَالَ تَعَالَى { وَاصْبِرْ وَمَا صَبْرُك إِلَّا بِاَللَّهِ } أَيْ يَأْمُر نَفْسه بِالصَّبْرِ وَيَتَكَلَّف فِي التَّحَمُّل عَنْ مَشَاقّه ، وَهُوَ تَعْمِيم بَعْد تَخْصِيص لِأَنَّ الصَّبْر يَشْتَمِل عَلَى صَبْر الطَّاعَة وَالْمَعْصِيَة وَالْبَلِيَّة أَوْ مَنْ يَتَصَبَّر عَنْ السُّؤَال وَالتَّطَلُّع إِلَى مَا فِي أَيْدِي النَّاس بِأَنَّ يَتَجَرَّع مَرَارَة ذَلِكَ وَلَا يَشْكُو حَاله لِغَيْرِ رَبّه
( يُصَبِّرهُ اللَّه )
: بِالتَّشْدِيدِ أَيْ يُسَهِّل عَلَيْهِ الصَّبْر فَتَكُون الْجُمَل مُؤَكَّدَات . وَيُؤَيِّد إِرَادَة مَعْنَى الْعُمُوم
قَوْله ( وَمَا أُعْطِيَ أَحَد مِنْ عَطَاء )
: أَيْ مُعْطًى أَوْ شَيْئًا
( أَوْسَع )
: أَيْ أَشْرَح لِلصَّدْرِ
( مِنْ الصَّبْر )
: وَذَلِكَ لِأَنَّ مَقَام الصَّبْر أَعْلَى الْمَقَامَات لِأَنَّهُ جَامِع لِمَكَارِمِ الصِّفَات وَالْحَالَات ، كَذَا فِي الْمِرْقَاة . وَأَخْرَجَهُ الْبُخَارِيّ وَمُسْلِم وَالتِّرْمِذِيّ وَالنَّسَائِيّ قَالَهُ الْمُنْذِرِيّ .
1402 -
قَالَ صَاحِبُ عَوْنِ الْمَعْبُودِ :
( وَهَذَا حَدِيثه )
: أَيْ حَدِيث عَبْد اللَّه بْن الْمُبَارَك ، وَالْمَعْنَى أَنَّ عَبْد اللَّه بْن دَاوُدَ وَعَبْد اللَّه بْن الْمُبَارَك كِلَاهُمَا يَرْوِيَانِ عَنْ بَشِير بْن سَلْمَان وَهَذَا لَفْظ اِبْن الْمُبَارَك @

الصفحة 59