كتاب عون المعبود شرح سنن أبي داود (ط. المكبتة السلفية) (اسم الجزء: 5)

دُون عَبْد اللَّه بْن دَاوُدَ
( مَنْ أَصَابَتْهُ فَاقَة )
: أَيْ حَاجَة شَدِيدَة وَأَكْثَر اِسْتِعْمَالهَا فِي الْفَقْر وَضِيق الْمَعِيشَة
( فَأَنْزَلَهَا بِالنَّاسِ )
: أَيْ عَرَضَهَا عَلَيْهِمْ وَأَظْهَرهَا بِطَرِيقِ الشِّكَايَة لَهُمْ وَطَلَب إِزَالَة فَاقَته مِنْهُمْ . قَالَ الطِّيبِيُّ : يُقَال نَزَلَ بِالْمَكَانِ وَنَزَلَ مِنْ عُلُوّ ، وَمِنْ الْمَجَاز نَزَلَ بِهِ مَكْرُوه وَأَنْزَلْت حَاجَتِي عَلَى كَرِيم ، وَخُلَاصَته أَنَّ مَنْ اِعْتَمَدَ فِي سَدّهَا عَلَى سُؤَالهمْ
( لَمْ تُسَدّ فَاقَته )
: أَيْ لَمْ تُقْضَ حَاجَته وَلَمْ تَزَلْ فَاقَته ، وَكُلَّمَا تُسَدّ حَاجَة أَصَابَتْهُ أُخْرَى أَشَدّ مِنْهَا
( وَمَنْ أَنْزَلَهَا بِاَللَّهِ )
: بِأَنْ اِعْتَمَدَ عَلَى مَوْلَاهُ
( أَوْشَكَ اللَّه )
: أَيْ أَسْرَعَ وَعَجَّلَ
( بِالْغِنَى )
: بِالْكَسْرِ مَقْصُورًا أَيْ الْيَسَار ، وَفِي نُسْخَة الْمَصَابِيح لَهُ بِالْغَنَاءِ أَيْ بِفَتْحِ الْغَيْن وَالْمَدّ أَيْ الْكِفَايَة . قَالَ شُرَّاح الْمَصَابِيح : وَرِوَايَة بِالْغِنَى أَيْ بِالْكَسْرِ مَقْصُورًا عَلَى مَعْنَى الْيَسَار تَحْرِيف لِلْمَعْنَى لِأَنَّهُ قَالَ يَأْتِيه الْكِفَايَة عَمَّا هُوَ فِيهِ اِنْتَهَى
( إِمَّا بِمَوْتٍ عَاجِل )
: قِيلَ بِمَوْتِ قَرِيب لَهُ غَنِيّ فَيَرِثهُ . وَلَعَلَّ الْحَدِيث مُقْتَبَس مِنْ قَوْله تَعَالَى { وَمَنْ يَتَّقِ اللَّهَ يَجْعَلْ لَهُ مَخْرَجًا وَيَرْزُقْهُ مِنْ حَيْثُ لَا يَحْتَسِبُ وَمَنْ يَتَوَكَّلْ عَلَى اللَّهِ فَهُوَ حَسْبُهُ }
( أَوْ غِنَى )
: بِكَسْرٍ وَقَصْر أَيْ يَسَار
( عَاجِل )
: أَيْ بِأَنْ يُعْطِيه مَالًا وَيَجْعَلهُ غَنِيًّا . قَالَ الطِّيبِيُّ : هُوَ هَكَذَا أَيْ عَاجِل بِالْعَيْنِ فِي أَكْثَر نُسَخ الْمَصَابِيح وَجَامِع الْأُصُول . وَفِي سُنَن أَبِي دَاوُدَ وَالتِّرْمِذِيّ : أَوْ غِنًى آجِل بِهَمْزَةٍ مَمْدُودَة وَهُوَ أَصَحّ دِرَايَة لِقَوْلِهِ تَعَالَى { إِنْ يَكُونُوا فُقَرَاءَ يُغْنِهِمْ اللَّهُ مِنْ فَضْلِهِ } اِنْتَهَى .
قُلْت : نُسَخ أَبِي دَاوُدَ الَّتِي عِنْدِي فِي كُلّهَا عَاجِل بِالْعَيْنِ وَكَذَا فِي نُسَخ الْمُنْذِرِيّ ، وَاَللَّه أَعْلَم .
قَالَ الْمُنْذِرِيّ : وَأَخْرَجَهُ التِّرْمِذِيّ وَقَالَ حَسَن صَحِيح غَرِيب .@

الصفحة 60