كتاب عون المعبود شرح سنن أبي داود (ط. المكبتة السلفية) (اسم الجزء: 5)

صَحِيح عَنْ حَكِيم بْن حِزَام مَرْفُوعًا يَد اللَّه فَوْق يَد الْمُعْطِي وَيَد الْمُعْطِي فَوْق يَد الْمُعْطَى ، وَيَد الْمُعْطَى أَسْفَل الْأَيْدِي . وَلِلطَّبَرَانِيِّ مِنْ حَدِيث عَدِيّ الْجُذَامِيِّ مَرْفُوعًا مِثْله . وَلِابْنِ خُزَيْمَةَ مِنْ حَدِيث أَبِي الْأَحْوَص عَوْف بْن مَالِك عَنْ أَبِيهِ مِثْل رِوَايَة الْمُؤَلِّف . وَلِأَحْمَد وَالْبَزَّار مِنْ حَدِيث عَطِيَّة السَّعْدِيّ الْيَد الْمُعْطِيَة هِيَ الْعُلْيَا وَالسَّائِلَة هِيَ السُّفْلَى . وَرَوَى عَلِيّ بْن عَاصِم عَنْ إِبْرَاهِيم الْهَجَرِيّ عَنْ أَبِي الْأَحْوَص عَنْ اِبْن مَسْعُود مَرْفُوعًا : الْأَيْدِي ثَلَاثَة يَد اللَّه الْعُلْيَا ، وَيَد الْمُعْطِي الَّتِي تَلِيهَا ، وَيَد السَّائِل أَسْفَل إِلَى يَوْم الْقِيَامَة . قَالَ الْبَيْهَقِيُّ : تَابَعَ عَلِيًّا إِبْرَاهِيم بْن طَهْمَان عَنْ الْهَجَرِيّ عَلَى رَفْعه ، وَرَوَاهُ جَعْفَر بْن عَوْن عَنْ الْهَجَرِيّ فَوَقَفَهُ ، وَقَالَ الْحَاكِم حَدِيث مَحْفُوظ مَشْهُور وَخَرَّجَهُ . قَالَ الْحَافِظ الْعِرَاقِيّ : الصَّوَاب أَنَّ الْعُلْيَا هِيَ الْمُعْطِيَة كَمَا تَشْهَد بِذَلِكَ الْأَحَادِيث الصَّحِيحَة
( فَأَعْطِ الْفَضْل )
: هُوَ الْمَال لِلْمُسْتَحِقِّينَ
( وَلَا تَعْجِز )
: بِلَا النَّهْي مِنْ بَاب ضَرَبَ
( عَنْ نَفْسك )
: أَيْ عَنْ رَدّ نَفْسك إِذَا مَنَعَتْك عَنْ الْإِعْطَاء . وَقَالَ الْمُنَاوِيُّ فِي شَرْح الْجَامِع : فَأَعْطِ الْفَضْل أَيْ الْفَاضِل عَنْ نَفْسك وَعَنْ مَنْ تَلْزَمك مُؤْنَته . وَقَوْله وَلَا تَعْجِز عَنْ نَفْسك بِفَتْحِ التَّاء وَكَسْر الْجِيم أَيْ لَا تَعْجِز بَعْد عَطِيَّتك عَنْ مُؤْنَة نَفْسك وَمَنْ عَلَيْك مُؤْنَته بِأَنْ تُعْطِي مَالَك كُلّه ثُمَّ تُعَوِّل عَلَى السُّؤَال اِنْتَهَى . كَذَا فِي الْغَايَة .
قَالَ الْمُنْذِرِيّ : فِي هَذَا الْحَدِيث أَنَّ الْأَيْدِي ثَلَاثَة ، وَذَهَبَ الْمُتَصَوِّفَة إِلَى أَنَّ الْيَد الْعُلْيَا هِيَ الْآخِذَة لِأَنَّهَا نَائِبَة عَنْ يَد اللَّه تَعَالَى ، وَمَا جَاءَ فِي الْحَدِيث الصَّحِيح مِنْ التَّفْسِير مَعَ مُهِمّ الْقَصْد مِنْ الْحَثّ عَلَى الصَّدَقَة أَوْلَى . وَفِيهِ نَدْب إِلَى التَّعَفُّف عَنْ الْمَسْأَلَة وَحَضّ عَلَى مَعَالِي الْأُمُور وَتَرْك دَنِيّهَا . وَفِيهَا أَيْضًا حَثّ عَلَى الصَّدَقَة اِنْتَهَى .@

الصفحة 67