كتاب عون المعبود شرح سنن أبي داود (ط. المكبتة السلفية) (اسم الجزء: 5)

فِي قَوْل أَكْثَر الْعُلَمَاء . وَقَالَ الشَّافِعِيّ : لَا تَحِلّ الصَّدَقَة لِبَنِي عَبْد الْمَطْلَب لِأَنَّ النَّبِيّ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَآله وَسَلَّمَ أَعْطَاهُمْ مِنْ سَهْم ذَوِي الْقُرْبَى وَأَشْرَكَهُمْ فِيهِ مَعَ بَنِي هَاشِم وَلَمْ يُعْطِ أَحَدًا مِنْ قَبَائِل قُرَيْش غَيْرهمْ ، وَتِلْكَ الْعَطِيَّة عِوَض عُوِّضُوهُ بَدَلًا عَمَّا حُرِمُوهُ مِنْ الصَّدَقَة ، فَأَمَّا مَوَالِي بَنِي هَاشِم فَإِنَّهُ لَا حَظّ لَهُمْ فِي سَهْم ذَوِي الْقُرْبَيْ فَلَا يَجُوز أَنْ يُحْرَمُوا الصَّدَقَة . وَيُشْبِه أَنْ يَكُون إِنَّمَا نَهَاهُ عَنْ ذَلِكَ تَنْزِيهًا لَهُ وَقَالَ مَوْلَى الْقَوْم عَلَى سَبِيل التَّشَبُّه لِلِاسْتِنَانِ بِهِمْ وَالِاقْتِدَاء بِسِيرَتِهِمْ فِي اِجْتِنَاب مَال الصَّدَقَة الَّتِي هِيَ أَوْسَاخ النَّاس . وَيُشْبِه أَنْ يَكُون صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَآله وَسَلَّمَ قَدْ كَانَ تَكْفِيه الْمُؤْنَة إِذْ كَانَ أَبُو رَافِع مَوْلًى لَهُ ، وَكَانَ يَتَصَرَّف لَهُ فِي الْحَاجَة وَالْخِدْمَة فَقَالَ لَهُ عَلَى هَذَا الْمَعْنَى إِذَا كُنْت تَسْتَغْنِي بِمَا أُعْطِيت فَلَا تَطْلُب أَوْسَاخ النَّاس فَإِنَّك مَوْلَانَا وَمِنَّا اِنْتَهَى .
وَقَالَ النَّوَوِيّ : تَحْرِيم الزَّكَاة عَلَى النَّبِيّ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَعَلَى آلِهِ وَهُمْ بَنُو هَاشِم وَبَنُو الْمُطَّلِب .
هَذَا مَذْهَب الشَّافِعِيّ وَمُوَافِقِيهِ أَنَّ آلَهُ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ هُمْ بَنُو هَاشِم وَبَنُو الْمُطَّلِب . وَبِهِ قَالَ بَعْض الْمَالِكِيَّة . وَقَالَ أَبُو حَنِيفَة وَمَالِك : هُمْ بَنُو هَاشِم خَاصَّة . وَقَالَ بَعْض الْعُلَمَاء : هُمْ قُرَيْش كُلّهَا . وَقَالَ أَصْبُغ الْمَالِكِيّ : هُمْ بَنُو قُصَيّ . دَلِيل الشَّافِعِيّ أَنَّ رَسُول اللَّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ : إِنَّ بَنِي هَاشِم وَبَنِي الْمُطَّلِب شَيْء وَاحِد وَقَسَمَ بَيْنَهُمْ سَهْم ذَوِي الْقُرْبَى اِنْتَهَى .
قَالَ الْمُنْذِرِيّ : وَأَخْرَجَهُ التِّرْمِذِيّ وَالنَّسَائِيُّ . وَقَالَ التِّرْمِذِيّ : هَذَا حَدِيث حَسَن صَحِيح . هَذَا آخِر كَلَامه .
وَهَذَا الرَّجُل الَّذِي بَعَثَ رَسُول اللَّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ هُوَ الْأَرْقَم بْن الْأَرْقَم بْن الْقُرَشِيّ الْمَخْزُومِيّ ، بَيَّنَ ذَلِكَ الْخَطِيب وَالنَّسَائِيُّ وَكَانَ مِنْ الْمُهَاجِرِينَ الْأَوَّلِينَ وَكُنْيَته أَبُو عَبْد اللَّه ، وَهَذَا الَّذِي اِسْتَخْفَى رَسُول اللَّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي دَاره بِمَكَّة فِي أَسْفَل الصَّفَا حَتَّى كَمَّلُوا الْأَرْبَعِينَ رَجُلًا آخِرهمْ عُمَر بْن الْخَطَّاب وَهِيَ الَّتِي تُعْرَف بِالْخَيْزُرَانِ وَأَبُو رَافِع مَوْلَى رَسُول اللَّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ اِسْمه@

الصفحة 69