كتاب عون المعبود شرح سنن أبي داود (ط. المكبتة السلفية) (اسم الجزء: 5)

لَمْ يَجْعَل الْحَدِيث مِنْ قَوْل النَّبِيّ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِنَّمَا جَعَلَهُ مِنْ فَهْم أَنَس وَأَمَّا خَالِد وَهِشَام فَجَعَلَاهُ مَرْفُوعًا مِنْ قَوْل النَّبِيّ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ، وَرِوَايَة هِشَام أَخْرَجَهَا مُسْلِم مِنْ طَرِيق مُعَاذ عَنْ أَبِيهِ .
1410 -
قَالَ صَاحِبُ عَوْنِ الْمَعْبُودِ :
( فِي إِبِل أَعْطَاهَا إِيَّاهُ )
: أَيْ عَبَّاس بْن عَبْد الْمُطَّلِب
( مِنْ الصَّدَقَة )
: قَالَ أَبُو سُلَيْمَان الْخَطَّابِيُّ : لَا أَدْرِي مَا وَجْهه ، وَاَلَّذِي لَا أَشُكّ فِيهِ أَنَّ الصَّدَقَة مُحَرَّمَة عَلَى الْعَبَّاس وَالْمَشْهُور أَنَّهُ أَعْطَاهُ مِنْ سَهْم ذِي الْقُرْبَى مِنْ الْفَيْء ، وَيُشْبِه أَنْ يَكُون مَا أَعْطَاهُ مِنْ إِبِل الصَّدَقَة إِنْ ثَبَتَ الْحَدِيث قَضَاء عَنْ سَلَف كَانَ اِسْتَلَفَهُ مِنْهُ لِأَهْلِ الصَّدَقَة ، فَقَدْ رُوِيَ أَنْ شَكَا إِلَيْهِ الْعَبَّاس رَضِيَ اللَّه عَنْهُ فِي مَنْع الصَّدَقَة فَقَالَ هِيَ عَلَيَّ وَمِثْلهَا كَأَنَّهُ كَانَ قَدْ تَسَلَّفَ مِنْهُ صَدَقَة عَامَيْنِ فَرَدَّهَا أَوْ رَدَّ صَدَقَة أَحَد الْعَامَيْنِ عَلَيْهِ لَمَّا جَاءَتْهُ إِبِل الصَّدَقَة ، فَرَوَى مَنْ رَوَاهُ عَلَى الِاخْتِصَار مِنْ غَيْر ذِكْر السَّبَب اِنْتَهَى كَلَامه .
وَقَالَ الْبَيْهَقِيُّ : هَذَا الْحَدِيث لَا يَحْتَمِل إِلَّا مَعْنَيَيْنِ أَحَدهمَا أَنْ يَكُون قَبْل تَحْرِيم الصَّدَقَة عَلَى بَنِي هَاشِم فَصَارَ مَنْسُوخًا ، وَالْآخَر أَنْ يَكُون اِسْتَسْلَفَ مِنْ الْعَبَّاس لِلْمَسَاكِينِ إِبِلًا ثُمَّ رَدَّهَا عَلَيْهِ مِنْ إِبِل الصَّدَقَة اِنْتَهَى .
وَقَالَ النَّوَوِيّ : وَأَمَّا صَدَقَة التَّطَوُّع فَلِلشَّافِعِيِّ فِيهَا ثَلَاثَة أَقْوَال أَصَحّهَا أَنَّهَا تَحْرُم عَلَى رَسُول اللَّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَتَحِلّ لِآلِهِ ، وَالثَّانِي تَحْرُم عَلَيْهِ وَعَلَيْهِمْ ، وَالثَّالِث تَحِلّ لَهُ وَلَهُمْ .
وَأَمَّا مَوَالِي بَنِي هَاشِم وَبَنِي الْمُطَّلِب فَهَلْ تَحْرُم عَلَيْهِمْ الزَّكَاة فِيهِ وَجْهَانِ@

الصفحة 71