كتاب عون المعبود شرح سنن أبي داود (ط. المكبتة السلفية) (اسم الجزء: 5)

لِأَصْحَابِنَا أَصَحّهَا تَحْرُم وَالثَّانِي تَحِلّ ، وَبِالتَّحْرِيمِ قَالَ أَبُو حَنِيفَة وَسَائِر الْكُوفِيِّينَ وَبَعْض الْمَالِكِيَّة وَبِالْإِبَاحَةِ قَالَ مَالِك ، وَادَّعَى اِبْن بَطَّال الْمَالِكِيّ أَنَّ الْخِلَاف إِنَّمَا هُوَ فِي مَوَالِي بَنِي هَاشِم وَأَمَّا مَوَالِي غَيْرهمْ فَتُبَاح لَهُمْ بِالْإِجْمَاعِ وَلَيْسَ كَمَا قَالَ بَلْ الْأَصَحّ تَحْرِيمهَا عَلَى مَوَالِي بَنِي هَاشِم وَبَنِي الْمُطَّلِب وَلَا فَرْق بَيْنهمَا وَاَللَّه أَعْلَم .
قَالَ الْمُنْذِرِيّ : وَأَخْرَجَهُ النَّسَائِيُّ .
( زَادَ )
: أَيْ أَبُو عُبَيْدَة عَنْ الْأَعْمَش فِي رِوَايَته هَذِهِ الْجُمْلَة
( أَبِي )
: بِالْبَاءِ الْمُوَحَّدَة بَيْن الْأَلِف وَالْيَاء التَّحْتَانِيَّة أَيْ عَبَّاس بْن عَبْد الْمُطَّلِب
( يُبْدِلهَا )
: بِصِيغَةِ الْمُضَارِع وَالضَّمِير الْمَنْصُوب يَرْجِع إِلَى الْإِبِل ، هَكَذَا فِي بَعْض النُّسَخ أَبِي يُبْدِلهَا وَفِي بَعْضهَا أَيْ يُبْدِلهَا بِحَرْفِ التَّفْسِير ، وَفِي بَعْضهَا أَنْ يُبْدِلهَا بِأَنْ الْمَصْدَرِيَّة ، وَفِي بَعْضهَا أَتَى بِصِيغَةِ الْمُتَكَلِّم مِنْ الْإِتْيَان وَيُبْدِلُهَا بِحَرْفِ الْبَاء الْجَارّةِ وَالْبَدَل مَصْدَر فَهَذِهِ الْأَرْبَعَة النُّسَخ الَّتِي وَقَفْت عَلَيْهَا فِي هَذِهِ الْجُمْلَة وَلَمْ يَتَرَجَّح لِي وَاحِدَة مِنْهَا مِنْ الْأُخْرَى . وَالْمَعْنَى أَنَّ عَبْد اللَّه بْن الْعَبَّاس يَقُول : إِنَّ أَبِي الْعَبَّاس أَرْسَلَنِي إِلَى رَسُول اللَّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لِأَجْلِ أَنْ يُبْدِل الْإِبِل الَّتِي أَعْطَاهَا الْعَبَّاس مِنْ إِبِل الصَّدَقَة ، فَقَوْله مِنْ الصَّدَقَة مُتَعَلِّق بِأَنْ يُبْدِل لَا بِقَوْلِهِ أَعْطَاهَا ، بَلْ أَعْطَاهَا النَّبِيّ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَبْل ذَلِكَ مِنْ غَيْر الصَّدَقَة ، فَلَمَّا جَاءَتْ إِبِل الصَّدَقَة إِلَى النَّبِيّ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَرَادَ عَبَّاس أَنْ يُبْدِل تِلْكَ الْإِبِل مِنْ إِبِل الصَّدَقَة ، فَعَلَى رِوَايَة أَبِي عُبَيْدَة لَا حَاجَة إِلَى التَّأْوِيل الْمَذْكُور مِنْ كَلَام الْإِمَامَيْنِ الْخَطَّابِيّ وَالْبَيْهَقِيّ وَاَللَّه أَعْلَم . كَذَا فِي غَايَة الْمَقْصُود .@

الصفحة 72