كتاب عون المعبود شرح سنن أبي داود (ط. المكبتة السلفية) (اسم الجزء: 5)

عَلِيّ رَضِيَ اللَّه عَنْهُ أَنَّهُ قَالَ هِيَ الزَّكَاة ، وَهُوَ قَوْل اِبْن عُمَر وَقَتَادَة وَالْحَسَن وَالضَّحَّاك وَقَالَ عَبْد اللَّه بْن مَسْعُود : الْمَاعُون الْفَأْس وَالدَّلْو وَالْقِدْر وَأَشْبَاه ذَلِكَ ، وَهِيَ رِوَايَة سَعِيد بْن جُبَيْر عَنْ اِبْن عَبَّاس . قَالَ مُجَاهِد : الْمَاعُون الْعَارِيَة ، وَقَالَ عِكْرِمَة أَعْلَاهَا الزَّكَاة الْمَعْرُوفَة وَأَدْنَاهَا عَارِيَة الْمَتَاع . قَالَ مُحَمَّد بْن كَعْب وَالْكَلْبِيّ : الْمَاعُون الْمَعْرُوف الَّذِي يَتَعَاطَاهُ النَّاس فِيمَا بَيْنهمْ . وَقِيلَ أَصْل الْمَاعُون مِنْ الْقِلَّة فَسَمَّى الزَّكَاة وَالصَّدَقَة وَالْمَعْرُوف مَاعُونًا لِأَنَّهُ قَلِيل مِنْ كَثِير . وَقِيلَ الْمَاعُون مَا لَا يَحِلّ الْمَنْع مِنْهُ مِثْل الْمَاء وَالْمِلْح وَالنَّار ، كَذَا فِي الْمَعَالِم .
1414 -
قَالَ صَاحِبُ عَوْنِ الْمَعْبُودِ :
( قَالَ : مَا مِنْ صَاحِب كَنْز لَا يُؤَدِّي حَقّه )
: قَالَ الْقَاضِي عِيَاض : اِخْتَلَفَ السَّلَف فِي الْمُرَاد بِالْكَنْزِ الْمَذْكُور فِي الْقُرْآن وَفِي الْحَدِيث . فَقَالَ أَكْثَرهمْ : هُوَ كُلّ مَال وَجَبَتْ فِيهِ صَدَقَة الزَّكَاة فَلَمْ تُؤَدَّ ، فَأَمَّا مَال خَرَجَتْ زَكَاته فَلَيْسَ بِكَنْزٍ ، وَاتَّفَقَ أَئِمَّة الْفَتْوَى عَلَى هَذَا الْقَوْل لِقَوْلِهِ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَآله وَسَلَّمَ لَا تُؤَدَّى زَكَاته وَفِي صَحِيح مُسْلِم : مَنْ كَانَ عِنْده مَال لَمْ يُؤَدِّ زَكَاته مُثِّلَ لَهُ شُجَاعًا أَقْرَع ، وَفِي آخِره فَيَقُول أَنَا كَنْزك . وَفِي لَفْظ لِمُسْلِمٍ بَدَل قَوْله مَا مِنْ صَاحِب كَنْز لَا يُؤَدِّي زَكَاته مَا مِنْ صَاحِب ذَهَبَ وَلَا فِضَّة لَا يُؤَدِّي مِنْهُمَا حَقّهمَا
( يُحْمَى عَلَيْهَا )
: بِصِيغَةِ الْمَجْهُول وَالْجَارّ وَالْمَجْرُور نَائِب الْفَاعِل أَيْ يُوقِد عَلَيْهَا ذَات حُمَّى وَحَرّ شَدِيد مِنْ قَوْلِهِ تَعَالَى { نَارٌ حَامِيَةً } فَفِيهِ مُبَالَغَة لَيْسَتْ فِي أُحْمِيت فِي نَار ، وَالضَّمِير فِي عَلَيْهَا رَاجَعَ إِلَى الْكَنْز لِكَوْنِهِ عِبَارَة عَنْ الدَّرَاهِم وَالدَّنَانِير
( فِي نَار جَهَنَّم )
: يَشْتَدّ حَرّهَا
( فَتُكْوَى بِهَا )
: أَيْ بِتِلْكَ الدَّرَاهِم
( جَبْهَته وَجَنْبه وَظَهْره )
: قِيلَ لِأَنَّهَا أَشْرَفَ@

الصفحة 75