كتاب عون المعبود شرح سنن أبي داود (ط. المكبتة السلفية) (اسم الجزء: 5)

1425 -
قَالَ صَاحِبُ عَوْنِ الْمَعْبُودِ :
( فَحَذَفَهُ )
: بِحَاءٍ مُهْمَلَة وَذَال مُعْجَمَة أَيْ رَمَاهُ
( أَوْ لَعَقَرَتْهُ )
: أَيْ جَرَحَتْهُ
( يَسْتَكِفّ النَّاس )
: قَالَ الْخَطَّابِيُّ : مَعْنَاهُ يَتَعَرَّض لِلصَّدَقَةِ وَهُوَ أَنْ يَأْخُذهَا بِبَطْنِ كَفّه يُقَال تَكَفَّفَ الرَّجُل وَاسْتَكَفَّ إِذَا فَعَلَ ذَلِكَ ، وَمِنْ هَذَا قَوْله صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَآله وَسَلَّمَ لِسَعْدٍ " إِنَّك إِنْ تَدَع وَرَثَتك أَغْنِيَاء خَيْر لَك مِنْ أَنْ تَدَعهُمْ عَالَة يَتَكَفَّفُونَ النَّاس " اِنْتَهَى قَالَ السُّيُوطِيُّ : بِكَسْرِ الْكَاف وَتَشْدِيد الْفَاء أَيْ تَعَرَّضَ لِلصَّدَقَةِ وَمَدَّ كَفّه إِلَيْهَا أَوْ سَأَلَ كَفًّا مِنْ الطَّعَام أَوْ مَا يَكُفّ الْجُوع اِنْتَهَى
( مَا كَانَ عَنْ ظَهْر غِنًى )
: قَالَ الْخَطَّابِيُّ : أَيْ عَنْ غِنًى يَعْتَمِدهُ وَيَسْتَظْهِر بِهِ عَلَى النَّوَائِب الَّتِي تَنُوبهُ كَقَوْلِهِ فِي حَدِيث آخَر " خَيْر الصَّدَقَة مَا أَبْقَتْ غِنًى " ، وَفِي الْحَدِيث مِنْ الْعِلْم أَنَّ الِاخْتِيَار لِلْمَرْءِ أَنْ يَسْتَبْقِي لِنَفْسِهِ قُوتًا وَأَنْ لَا يَنْخَلِع مِنْ مِلْكه أَجْمَع مَرَّة وَاحِدَة لِمَا يُخَاف عَلَيْهِ مِنْ فِتْنَة الْفَقْر وَشِدَّة نِزَاع النَّفْس إِلَى مَا خَرَجَ مِنْ يَده فَيَنْدَم فَيَذْهَب مَاله وَيَبْطُل أَجْره وَيَصِير كَلًّا عَلَى النَّاس . قَالَ الْخَطَّابِيُّ : وَلَمْ يُنْكِر عَلَى أَبِي بَكْر الصِّدِّيق خُرُوجه مِنْ مَاله أَجْمَع لِمَا عَلِمَهُ مِنْ صِحَّة نِيَّته وَقُوَّة يَقِينه وَلَمْ يَخَفْ عَلَيْهِ الْفِتْنَة كَمَا خَافَهَا عَلَى الَّذِي رَدَّ عَلَيْهِ الذَّهَب اِنْتَهَى كَلَامه . وَقَالَ السِّنْدِيُّ : عَنْ ظَهْر غِنًى أَيْ مَا يَبْقَى خَلَفَهَا غِنًى لِصَاحِبِهِ قَلْبِيّ كَمَا كَانَ لِلصِّدِّيقِ أَوْ قَالَبِيّ فَيَصِير الْغِنَى لِلصَّدَقَةِ كَالظَّهْرِ لِلْإِنْسَانِ وَرَاء الْإِنْسَان فَإِضَافَة الظَّهْر إِلَى الْغِنَى بَيَانِيَّة لِبَيَانِ أَنَّ الصَّدَقَة إِذَا@

الصفحة 91