كتاب عون المعبود شرح سنن أبي داود (ط. المكبتة السلفية) (اسم الجزء: 5)

كَانَتْ بِحَيْثُ يَبْقَى لِصَاحِبِهَا الْغِنَى بَعْدهَا إِمَّا لِقُوَّةِ قَلْبه أَوْ لِوُجُودِ شَيْء بَعْدهَا يُسْتَغْنَى بِهِ عَمَّا تَصَدَّقَ فَهُوَ أَحْسَن ، وَإِنْ كَانَتْ بِحَيْثُ يَحْتَاج صَاحِبهَا بَعْدهَا إِلَى مَا أَعْطَى وَيُضْطَرّ إِلَيْهِ فَلَا يَنْبَغِي لِصَاحِبِهَا التَّصَدُّق بِهِ اِنْتَهَى . وَقَالَ فِي النِّهَايَة : أَيْ مَا كَانَ عَفْوًا قَدْ فَضَلَ عَنْ غِنًى وَقِيلَ أَرَادَ مَا فَضَلَ عَنْ الْعِيَال وَالظَّهْر قَدْ يُزَاد فِي مِثْل هَذَا إِشْبَاعًا لِلْكَلَامِ . وَتَمْكِينًا كَأَنَّ صَدَقَته مُسْتَنِدَة إِلَى ظَهْر قَوِيّ مِنْ الْمَال اِنْتَهَى .
1426 -
قَالَ صَاحِبُ عَوْنِ الْمَعْبُودِ :
( فَصَاحَ بِهِ )
: أَيْ زَجَرَهُ وَلَفْظُ النَّسَائِيِّ " أَنَّ رَجُلًا دَخَلَ الْمَسْجِد يَوْم الْجُمُعَة وَرَسُول اللَّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَخْطُب فَقَالَ صَلِّ رَكْعَتَيْنِ ثُمَّ جَاءَ الْجُمُعَة الثَّانِيَة وَالنَّبِيّ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَخْطُب فَقَالَ صَلِّ رَكْعَتَيْنِ ثُمَّ جَاءَ الْجُمُعَة الثَّالِثَة فَقَالَ صَلِّ رَكْعَتَيْنِ ثُمَّ قَالَ تَصَدَّقُوا فَتَصَدَّقُوا فَأَعْطَاهُ ثَوْبَيْنِ ثُمَّ قَالَ تَصَدَّقُوا فَطَرَحَ أَحَد ثَوْبَيْهِ فَقَالَ رَسُول اللَّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسُلِمَ أَلَمْ تَرَوْا إِلَى هَذَا إِنَّهُ دَخَلَ الْمَسْجِد بِهَيْئَةٍ بَذَّةٍ فَرَجَوْت أَنْ تَفْطِنُوا لَهُ فَتَتَصَدَّقُوا عَلَيْهِ فَلَمْ تَفْعَلُوا فَقُلْت تَصَدَّقُوا فَتَصَدَّقْتُمْ ، فَأَعْطَيْته ثَوْبَيْنِ ثُمَّ قُلْت تَصَدَّقُوا فَطَرَحَ أَحَد ثَوْبَيْهِ خُذْ ثَوْبك وَانْتَهَرَهُ .
قَالَ الْمُنْذِرِيّ : وَأَخْرَجَهُ النَّسَائِيُّ أَتَمَّ مِنْهُ وَفِي إِسْنَاده مُحَمَّد بْن عَجْلَان وَثَّقَهُ بَعْضهمْ وَتَكَلَّمَ فِيهِ بَعْضهمْ وَقَدْ أَخْرَجَهُ التِّرْمِذِيّ بِهَذَا الْإِسْنَاد بِقِصَّةِ دُخُول الْمَسْجِد وَالْإِمَام يَخْطُب وَلَمْ يَذْكُر قِصَّة الثَّوْبَيْنِ وَقَالَ حَسَن صَحِيح .@

الصفحة 92