كتاب حاشية ابن القيم على سنن أبي داود (ط. المكبتة السلفية) (اسم الجزء: 6)
وإنما يفترقان في موجب ذلك من الإثم والذم ومعلوم أن الحلال المأذون فيه لا يساوي المحرم الممنوع منه البتة
قالوا وأيضا فإنما حرم لئلا ينفذ ولا يصح فإذا نفذ وصح وترتب عليه حكم الصحيح كان ذلك عائدا على مقتضى النهي بالابطال
قالوا وأيضا فالشارع إنما حرمه ونهى عنه لأجل المفسدة التي تنشأ من وقوعه فإن ما نهى عنه الشرع وحرمه لا يكون قط إلا مشتملا عن مفسدة خالصة أو راجحة فنهى عنه قصدا لإعدام تلك المفسدة
فلو حكم بصحته ونفوذه لكان ذلك تحصيلا للمفسدة التي قصد الشارع إعدامها وإثباتا لها
قالوا وأيضا فالعقد الصحيح هو الذي يترتب عليه أثره ويحصل منه مقصوده
وهذا إنما يكون في العقود التي أذن فيها الشارع وجعلها أسبابا لترتب آثارها عليها فما لم يأذن فيه ولم يشرعه كيف يكون سببا لترتب آثاره عليه ويجعل كالمشروع المأذون فيه
قالوا وأيضا فالشارع إنما جعل للمكلف مباشرة الأسباب فقط وأما أحكامها المترتبة عليها فليست إلى المكلف وإنما هي إلى الشارع فهو قد نصب الأسباب جعلها مقتضيات لأحكامها وجعل السبب مقدورا للعبد فإذا باشره رتب عليه الشارع أحكامه
فإذا كان السبب محرما كان ممنوعا منه ولم ينصبه الشارع مقتضيا