كتاب حاشية ابن القيم على سنن أبي داود (ط. المكبتة السلفية) (اسم الجزء: 6)
لآثار السبب المأذون فيه والحكم ليس إلى المكلف حتى يكون إيقاعه إليه غير مأذون فيه ولا نصبه الشارع لترتب الآثار عليه فترتيبها عليه إنما هو بالقياس على السبب المباح المأذون فيه وهو قياس في غاية الفساد إذ هو قياس أحد النقيضين على الآخر في التسوية بينهما في الحكم ولا يخفى فساده
قالوا وأيضا فصحة العقد هو عبارة عن ترتب أثره المقصود للمكلف عليه وهذا الترتب نعمة من الشارع أنعم بها على العبد وجعل له طريقا إلى حصولها بمباشرة الأسباب التي أذن له فيها فإذا كان السبب محرما منهيا عنه كانت مباشرته معصية فكيف تكون المعصية سببا لترتب النعمة التي قصد المكلف حصولها قالوا وقد علل من أوقع الطلاق وأوجب الرجعة إيجاب الرجعة بهذه العلة بعينها وقالوا أوجبنا عليه الرجعة معاملة له بنقيض قصده فانه ارتكب أمرا محرما يقصد به الخلاص من الزوجة فعومل بنقيض قصده فأمر برجعتها
قالوا فما جعلتموه أنتم علة لإيجاب الرجعة فهو بعينه علة لعدم وقوع الطلاق الذي قصده المكلف بارتكابه ما حرم الله عليه
ولا ريب أن دفع وقوع الطلاق أسهل من دفعه بالرجعة فإذا اقتضت هذه العلة دفع أثر الطلاق بالرجعة فلأن تقتضي دفع وقوعه أولى وأحرى
قالوا وأيضا فلله تعالى في الطلاق المباح حكمان أحدهما إباحته والإذن فيه والثاني جعله سببا للتخلص من الزوجة
فإذا لم يكن الطلاق مأذونا فيه انتفى الحكم الأول وهو الإباحة فما
الموجب لبقاء الحكم الثاني وقد ارتفع سببه
ومعلوم أن بقاء الحكم بدون سببه ممتنع ولا تصح دعوى أن الطلاق المحرم سبب لما تقدم