كتاب حاشية ابن القيم على سنن أبي داود (ط. المكبتة السلفية) (اسم الجزء: 6)
لا يحتسب عليهم به ثلاثا في لفظ واحد فلما رأى عمر الناس قد أكثروا منه رأى إلزامهم به والاحتساب عليهم به
قالوا وبهذا تأتلف الأحاديث الواردة في هذا الباب ويتبين وجهها ويزول عنها التناقض والاضطراب ويستغنى عن تكلف التأويلات المستكرهة لها ويتبين موافقتها لقواعد الشرع وأصوله
قالوا وهذا الظن بعمر رضي الله عنه أنه إذا احتسب على الناس بالطلاق الثلاث احتسب على ابنه بتطليقته التي طلقها في الحيض وكون النبي لم يرها شيئا مثل كون الطلاق الثلاث على عهده كان واحدة
وإلزام عمر الناس بذلك كالزامه له بهذا وأداه اجتهاده رضي الله عنه إلى أن ذلك كان تخفيفا ورفقا بالأمة لعلة إيقاعهم الطلاق وعدم تتابعهم فيه فلما أكثروا منه وتتابعوا فيه ألزمهم بما التزموه وهذا كما أداه اجتهاده في الجلد في الخمر ثمانين وحلق الرأس فيه والنفي والنبي إنما جلد فيه أربعين ولم يحلق فيه رأسا ولم يغرب فلما رأى الناس قد أكثروا منه واستهانوا بالأربعين ضاعفها عليهم وحلق ونفى
ولهذا نظائر كثيرة ستذكر في موضع آخر إن شاء الله
قالوا وتوهم من توهم أنا خالفنا الإجماع في هذه المسئلة غلط فإن الخلاف فيها أشهر من أن يجحد وأظهر من أن يستر
وإذا كانت المسئلة من موارد النزاع فالواجب فيها امتثال ما أمر الله به ورسوله من رد ما تنازع فيه العلماء إلى الله ورسوله وتحكيم الله ورسوله دون تحكيم أحد من الخلق قال تعالى فإن تنازعتم في شيء فردوه إلى الله والرسول إن كنتم تؤمنون بالله واليوم الآخر ذلك خير وأحسن تأويلا
فهذه بعض كلمات المانعين من الوقوع
ولو استوفينا الكلام في المسئلة لاحتملت سفرا كبيرا فلنقتصر على فوائد الحديث
قال الموقعون
وفيه دليل على أن الرجعة يستقل بها الزوج دون الولي ورضا المرأة لأنه جعل ذلك إليه دون غيره ودلالة القرآن على هذا أظهر من هذه الدلالة
قال تعالى وبعولتهن أحق بردهن في ذلك فجعل الأزواج أحق بالرجعة من المرأة والولي
واختلفوا في قوله مره فليراجعها هل الأمر بالرجعة على الوجوب أو الاستحباب فقال الشافعي وأبو حنيفة والأوزاعي وابن أبي ليلى وسفيان