كتاب حاشية ابن القيم على سنن أبي داود (ط. المكبتة السلفية) (اسم الجزء: 6)
الثوري وأحمد في إحدى الروايتين بل أشهرهما عنه الأمر بالرجعة استحباب
قال بعضهم لأن ابتداء النكاح إذا لم يكن واجبا فاستدامته كذلك وقال مالك في الأشهر عنه وداود وأحمد في الرواية الأخرى الرجعة واجبة الأمر بها ولأن الطلاق لما كان محرما في هذا الزمن كان بقاء النكاح واستدامته فيه واجبا وبهذا يبطل قولهم إذا لم يجب ابتداء النكاح لم تجب استدامته فإن الاستدامة ههنا واجبة لأجل الوقت فإنه لا يجوز فيه الطلاق
قالوا ولأن الرجعة إمساك بدليل قوله الطلاق مرتان فإمساك بمعروف أو تسريح بإحسان فالامساك مراجعتها في العدة والتسريح تركها حتى
تنقضي عدتها
وإذا كانت الرجعة إمساكا فلا ريب في وجوب إمساكها في زمن الحيض وتحريم طلاقها فتكون واجبة
ثم اختلف الموجبون للرجعة في علة ذلك فقالت طائفة
إنما أمره برجعتها ليقع الطلاق الذي أراده في زمن الإباحة وهو الطهر الذي لم يمسها فيه فلو لم يرتجعها لكان الطلاق الذي ترتبت عليه الأحكام هو الطلاق المحرم والشارع لا يرتب الأحكام على طلاق محرم فأمر برجعتها ليطلقها طلاقا مباحا يترتب عليه أحكام الطلاق
وقالت طائفة بل أمره برجعتها عقوبة له على طلاقها في زمن الحيض فعاقبه بنقيض قصده وأمره بارتجاعها عكس مقصوده
وقالت طائفة بل العلة في ذلك أن تحريم الطلاق في زمن الحيض معلل بتطويل العدة فأمره برجعتها ليزول المعنى الذي حرم الطلاق في الحيض لأجله
وقال بعض الموجبين إن أبى رجعتها أجبر عليها
فإن امتنع ضرب وحبس فإن أصر حكم عليه برجعتها وأشهد أنه قد ردها عليه فتكون امرأته يتوارثان ويلزمه جميع حقوقها حتى يفارقها فراقا ثانيا قاله أصبغ وغيره من المالكية
ثم اختلفوا
فقال مالك يجبر على الرجعة إن طهرت ما دامت في العدة لأنه وقت للرجعة
وقال أشهب إذا طهرت ثم حاضت ثم طهرت لم تجب رجعتها في هذه الحال وإن كانت في العدة لأنه لا يجب عليه إمساكها في هذه الحال لجواز طلاقها فيه