كتاب حاشية ابن القيم على سنن أبي داود (ط. المكبتة السلفية) (اسم الجزء: 6)

فلا يجب عليه رجعتها فيه إذ لو وجبت الرجعة في هذا الوقت لحرم الطلاق فيه
وقوله حتى تطهر ثم تحيض ثم تطهر ثم إن شاء امسك بعد ذلك وإن شاء طلق قال البيهقي أكثر الروايات عن ابن عمر أن النبي أمره أن يراجعها حتى تطهر ثم إن شاء طلق وإن شاء أمسك فإن كانت الرواية عن سالم ونافع وابن دينار في امره بأن يراجعها حتى تطهر ثم تحيض ثم تطهر محفوظة فقد قال الشافعي يحتمل أن يكون إنما أراد بذلك الاستبراء أن يستبرئها بعد الحيضة التي طلقها فيها بطهر تام ثم حيض تام ليكون تطليقها وهي تعلم عدتها أبالحمل هي أم بالحيض أو ليكون تطليقها بعد علمه بالحمل وهو
غير جاهل ما صنع أو يرغب فيمسك للحمل أو ليكون إن كانت سألت الطلاق غير حامل أن تكف عنه حاملا
آخر كلامه
وأكثر الروايات في حديث ابن عمر مصرحة بأنه إنما أذن في طلاقها بعد أن تطهر من تلك الحيضة ثم تحيض ثم تطهر هكذا أخرجاه في الصحيحين من رواية نافع عنه ومن رواية ابنه سالم عنه
وفي لفظ متفق عليه ثم يمسكها حتى تطهر ثم تحيض عنده حيضة أخرى ثم يمهلها حتى تطهر من حيضها وفي لفظ آخر متفق عليه مره فليراجعها حتى تحيض حيضة مستقبلة سوى حيضتها التي طلقها فيها ففى تعدد الحيض والطهر ثلاثة ألفاظ محفوظة متفق عليها من رواية ابنه سالم ومولاه نافع وعبد الله بن دينار وغيرهم والذين زادوا قد حفظوا ما لم يحفظه هؤلاء
ولو قدر التعارض فالزائدون أكثر وأثبت في ابن عمر وأخص به فرواياتهم أولى لأن نافعا مولاه أعلم الناس بحديثه وسالم ابنه كذلك وعبد الله بن دينار من أثبت الناس فيه وأرواهم عنه فكيف يقدم اختصار أبي الزبير ويونس بن جبير على هؤلاء ومن العجب تعليل حديث أبي الزبير في ردها عليه من غير احتساب بالطلقة بمخالفة غيره له ثم تقدم روايته التي سكت فيها عن تعدد الحيض والطهر على رواية نافع وابن دينار وسالم فالصواب الذي لا يشك فيه أن هذه الرواية ثابتة محفوظة ولذلك أخرجها أصحاب الصحيحين

الصفحة 112