كتاب حاشية ابن القيم على سنن أبي داود (ط. المكبتة السلفية) (اسم الجزء: 6)
ارتفاع الطلاق البغيض إلى الله المحبوب إلى الشيطان وحضا على بقاء النكاح ودوام المودة والرحمة والله أعلم
وقوله ثم ليطلقها طاهرا وفي اللفظ الآخر فإذا طهرت فليطلقها إن شاء هل المراد به انقطاع الدم أو التطهر بالغسل أو ما يقوم مقامه من التيمم على قولين هما روايتان عن أحمد أحداهما أنه انقطاع الدم وهو قول الشافعي
والثانية أنه الاغتسال وقال أبو حنيفة إن طهرت لأكثر الحيض حل طلاقها بانقطاع الدم وإن طهرت لدون أكثره لم يحل طلاقها حتى تصير في حكم الطاهرات بأحد ثلاثة أشياء إما أن تغتسل وإما أن تتيمم عند العجز وتصلي وإما أن يخرج عنها وقت صلاة لأنه متى وجد أحد هذه الأشياء حكمنا بانقطاع حيضها
وسر المسألة أن الأحكام المترتبة على الحيض نوعان منها ما يزول بنفس انقطاعه كصحة الغسل والصوم ووجوب الصلاة في ذمتها
ومنها ما لا يزول إلا بالغسل كحل الوطء وصحة الصلاة وجواز الليث في المسجد وصحة الطواف وقراءة القرآن على أحد الأقوال فهل يقال الطلاق من النوع الأول أو من الثاني ولمن رجح إباحته قبل الغسل أن يقول الحائض إذا انقطع دمها صارت كالجنب يحرم عليها ما يحرم عليه ويصح منها ما يصح منه ومعلوم أن المرأة الجنب لا يحرم طلاقها
ولمن رجح الثاني أن يجيب عن هذا بأنها لو كانت كالجنب لحل وطؤها ويحتج بما رواه النسائي في سننه من حديث المعتمر بن سليمان قال سمعت عبيد الله عن نافع عن عبد الله أنه طلق امرأته وهي حائض تطليقة فانطلق عمر فأخبر النبي بذلك فقال النبي مر عبد الله فليراجعها فإذا اغتسلت من حيضتها الأخرى فلا يمسها حتي يطلقها فإن شاء أن يمسكها فليمسكها فإنها العدة التي أمر الله أن تطلق لها النساء
وهذا على شرط الصحيحين وهو مفسر لقوله فإذا طهرت فيجب حمله عليه
وتمام هذه المسألة أن العدة هل تنقضي بنفس انقطاع الدم وتنقطع الرجعة