كتاب حاشية ابن القيم على سنن أبي داود (ط. المكبتة السلفية) (اسم الجزء: 6)
وقد أفردت لمسألة الحامل هل تحيض أم لا مصنفا مفردا
وقد احتج بالحديث من يرى أن السنة تفريق الطلقات على الأقراء فيطلق لكل قرء طلقة وهذا قول أبي حنيفة وسائر الكوفيين وعن أحمد رواية كقولهم
قالوا وذلك لأن النبي إنما أمره بإمساكها في الطهر المتعقب للحيض لأنه لم يفصل بينه وبين الطلاق طهر كامل والسنة أن يفصل بين الطلقة والطلقة قرء كامل فإذا طهرت ثم حاضت ثم طهرت
طلقها طلقة بائنة لحصول الفصل بين الطلقتين بطهر كامل
قالوا فلهذا المعنى اعتبر الشارع الفصل بين الطلاق الأول والثاني
قالوا وفي بعض حديث ابن عمر السنة أن يستقبل الطهر فيطلق لكل قرء وروى النسائي في سننه عن ابن مسعود قال طلاق السنة أن يطلقها تطليقة وهي طاهر في غير جماع فإذا حاضت فطهرت طلقها أخرى فإذا حاضت وطهرت طلقها أخرى ثم تعتد بعد ذلك بحيضة
وهذا الاستدلال ضعيف فإن النبي لم يأمره بإمساكها في الطهر الثاني ليفرق الطلقات الثلاث على الأقراء ولا في الحديث ما يدل على ذلك وإنما أمره بطلاقها طاهرا قبل أن يمسها وقد ذكرنا حكمة إمساكها في الطهر الأول
وأما قوله والسنة أن يستقبل الطهر فيطلق لكل قرء فهو حديث قد تكلم الناس فيه وأنكروه على عطاء الخراساني فإنه انفرد بهذه اللفظة دون سائر الرواة قال البيهقي وأما الحديث الذي رواه عطاء الخراساني عن ابن عمر في هذه القصة أن النبي قال السنة أن يستقبل الطهر فيطلق لكل قرء فإنه أتى في هذا الحديث بزيادات لم يتابع عليها وهو ضعيف في الحديث لا يقبل منه ما ينفرد به
وأما حديث ابن مسعود فمع أنه موقوف عليه فهو حديث يرويه أبو إسحاق عن أبي الأحوص عن عبد الله واختلف على أبي إسحاق فيه فقال الأعمش عنه كما تقدم وقال سفيان الثوري عن أبي إسحاق عن أبي الأحوص عنه طلاق السنة أن يطلقها طاهرا من غير جماع ولعل هذا حديثان
والذي يدل عليه أن الأعمش قال سألت إبراهيم فقال لي مثل ذلك
وبالجملة فهذا غايته أن يكون قول ابن مسعود