كتاب حاشية ابن القيم على سنن أبي داود (ط. المكبتة السلفية) (اسم الجزء: 6)
وقد خالفه علي وغيره
وقد روي عن ابن مسعود روايتان إحداهما التفريق والثانية إفراد الطلقة وتركها حتى تنقضي عدتها
قال طلاق السنة أن يطلقها وهي طاهر ثم يدعها حتى تنقضي عدتها أو يراجعها إن شاء ذكره ابن عبدالبر عنه
ولأن هذا أردأ طلاق لأنه طلاق من غير حاجة إليه وتعريض لتحريم المرأة عليه إلا بعد زوج وإصابة والشارع لا غرض له في ذلك ولا مصلحة للمطلق فكان بدعيا
والله أعلم
وقوله فتلك العدة التي أمر الله أن تطلق لها النساء احتج به من يرى الأقراء هي الأطهار
قالوا واللام بمعنى الوقت كقوله تعالى أقم الصلاة لدلوك الشمس وقول العرب كتب لثلاث مضين ولثلاث بقين
وفي الحديث فليصلها حين ذكرها ومن الغد للوقت قالوا فهذه اللام الوقتية بمعنى فيه
وأجاب الآخرون عن هذا بأن اللام في قوله تعالى فطلقوهن لعدتهن هي اللام المذكورة في قوله أن تطلق لها النساء ولا يصح أن تكون وقتية ولا ذكر أحد من أهل العربية أن اللام تأتي بمعنى في أصلا
ولا يصح أن تكون هنا بمعنى في ولو صح في غير هذا الموضع لأن الطلاق لا يكون في نفس العدة ولا تكون عدة الطلاق ظرفا له قط وإنما اللام هنا على بابها للاختصاص
والمعنى طلقوهن مستقبلات عدتهن ويفسر هذا قراءة النبي في حديث ابن عمر فطلقوهن في قبل عدتهن أي في الوقت الذي تستقبل فيه العدة
وعلى هذا فإذا طلقها في طهرها استقبلت العدة من الحيضة التي تليه فقد طلقها في قبل عدتها بخلاف ما إذا طلقها حائضا فإنها لا تعتد بتلك الحيضة وينتظر فراغها وانقضاء الطهر الذي يليها ثم تشرع في العدة فلا يكون طلاقها حائضا طلاقا في قبل عدتها وقد أفردت لهذه المسألة مصنفا مستقلا ذكرت فيه مذاهب الناس ومآخذهم وترجيح القول الراجح والجواب عما احتج به أصحاب القول الآخر
وقوله مره فليراجعها دليل على أن الأمر بالأمر بالشيء أمر به
وقد اختلف الناس في ذلك وفصل النزاع أن المأمور الأول إن كان مبلغا محضا كأمر النبي آحاد الصحابة أن يأمر الغائب عنه يأمره فهذا أمر به