كتاب حاشية ابن القيم على سنن أبي داود (ط. المكبتة السلفية) (اسم الجزء: 6)
من جهة الشارع قطعا ولا يقبل ذلك نزاعا أصلا ومنه قوله مرها فلتصبر ولتحتسب وقوله مروهم بصلاة كذا في حين كذا ونظائره فهذا الثاني مأمور به من جهة الرسول فإذا عصاه المبلغ إليه فقد عصى أمر الرسول صلوات الله وسلامه عليه والمأمور الأول مبلغ محض وإن كان الأمر متوجها إلى المأمور الأول توجه التكليف والثاني غير مكلف لم يكن أمرا للثاني من جهة الشارع كقوله مروهم بالصلاة لسبع
فهذا الأمر خطاب للأولياء بأمر الصبيان بالصلاة فهذا فصل الخطاب في هذا الباب
والله أعلم بالصواب
فهذه كانت نبهنا بها على بعض فوائد حديث ابن عمر فلا تستطلها فإنها مشتملة على فوائد
جمة وقواعد مهمة ومباحث لمن قصده الظفر بالحق وإعطاء كل ذي حق حقه من غير ميل مع ذي مذهبه ولا خدمة لإمامة وأصحابه بحديث رسول الله بل تابع للدليل حريص على المظفر بالسنة والسبيل يدور مع الحق أني توجهت ركائبه ويستقر معه حيث استقرت مضاربه ولا يعرف قدر هذا السير إلا من علت همته وتطلعت نوازع قلبه واستشرفت نفسه إلى الارتضاع من ثدي الرسالة والورود من عين حوض النبوة والخلاص من شباك الأقوال المتعارضة والآراء المتناقضة إلى فضاء العلم الموروث عمن لا ينطق عن الهوى ولا يتجاوز نطقه البيان والرشاد والهدى وبيداء اليقين التي من حلها حشد في زمرة العلماء وعد من ورثة الأنبياء وما هي إلا أوقات محدودة وأنفاس على العبد معدودة فلينفقها فيما شاء
أنت القتيل لكل من أحببته فانظر لنفسك في الهوى من تصطفي