كتاب عون المعبود شرح سنن أبي داود (ط. المكبتة السلفية) (اسم الجزء: 6)

أَصْحَاب الشَّافِعِيّ بِالتَّحْرِيمِ ، وَقَالُوا إِنَّ مُرَاد الشَّافِعِيّ بِالْكَرَاهَةِ كَرَاهَة التَّحْرِيم قَالَ اِبْن رَسْلَان فِي شَرْح السُّنَن بَعْد أَنْ ذَكَرَ قَوْل الشَّافِعِيّ فِي الْإِمْلَاء : وَلِلْأَصْحَابِ فِيهِ طَرِيقَانِ أَصَحّهمَا وَهُوَ الَّذِي أَوْرَدَهُ الْجُمْهُور الْقَطْع بِتَحْرِيمِهِ ، قَالُوا وَمُرَاد الشَّافِعِيّ بِالْكَرَاهَةِ كَرَاهَة التَّحْرِيم ، ثُمَّ قَالَ وَفِيهِ طَرِيقَانِ أَصَحّهمَا وَهُوَ قَوْل الْجُمْهُور يَعْنِي مِنْ أَصْحَاب الشَّافِعِيّ أَنَّهُ يَأْثَم فَيُؤَدِّبهُ الْحَاكِم عَلَى فِعْله وَلَا يَلْزَمهُ شَيْء لِأَنَّ الْأَصْل عَدَم الضَّمَان إِلَّا فِيمَا وَرَدَ بِهِ الشَّرْع وَلَمْ يَرِد فِي هَذَا شَيْء ، وَالطَّرِيق الثَّانِي حُكْمه فِي الضَّمَان حُكْم الْمَدِينَة وَشَجَرهَا . وَفِي وُجُوب الضَّمَان فِيهِ خِلَاف اِنْتَهَى
( وَذَلِكَ )
: يَعْنِي تَحْرِيم وَجّ
( قَبْل نُزُوله )
صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ :
( الطَّائِف وَحِصَاره لِثَقِيفٍ )
: وَكَانَتْ غَزْوَة الطَّائِف فِي شَوَّال سَنَة ثَمَانٍ ، وَنَزَلَ رَسُول اللَّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَرِيبًا مِنْ حِصْن الطَّائِف وَعَسْكَرَ هُنَاكَ فَحَاصَرَ ثَقِيفًا ثَمَانِيَة عَشَر يَوْمًا . وَقَالَ اِبْن إِسْحَاق بِضْعًا وَعِشْرِينَ لَيْلَة .
وَقَوْله وَذَلِكَ قَبْل نُزُوله الطَّائِف لَيْسَ مِنْ قَوْل أَبِي دَاوُدَ الْمُؤَلِّف وَلَا شَيْخه حَامِد بْن يَحْيَى لِأَنَّ أَحْمَد بْن حَنْبَل أَخْرَجَهُ مِنْ طَرِيق عَبْد اللَّه بْن الْحَارِث . وَفِيهِ هَذِهِ الْجُمْلَة أَيْضًا ، فَيُشْبِه أَنْ يَكُون هَذَا الْقَوْل مَا دُون زُبَيْر بْن الْعَوَّام الصَّحَابِيّ . قَالَ الْخَطَّابِيُّ : وَلَسْت أَعْلَم لِتَحْرِيمِهِ وَجْهًا إِلَّا أَنْ يَكُون ذَلِكَ عَلَى سَبِيل الْحِمَى لِنَوْعٍ مِنْ مَنَافِع الْمُسْلِمِينَ ، وَقَدْ يَحْتَمِل أَنْ يَكُون ذَلِكَ التَّحْرِيم إِنَّمَا كَانَ فِي وَقْت مَعْلُوم وَفِي مُدَّة مَحْصُورَة ثُمَّ نُسِخَ ، وَيَدُلّ عَلَى ذَلِكَ قَوْله وَذَلِكَ قَبْل نُزُوله الطَّائِف وَحِصَاره ثَقِيفًا ثُمَّ عَادَ الْأَمْر فِيهِ إِلَى الْإِبَاحَة كَسَائِرِ بِلَاد الْحِلّ . وَمَعْلُوم أَنَّ عَسْكَر رَسُول اللَّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِذَا نَزَلُوا بِحَضْرَةِ الطَّائِف وَحَصَرُوا أَهْلهَا اِرْتَفَقُوا بِمَا نَالَتْهُ أَيْدِيهمْ مِنْ شَجَر وَصَيْد وَمِرْفَق ، فَدَلَّ ذَلِكَ عَلَى أَنَّهَا حِلّ مُبَاح ، وَلَيْسَ يَحْضُرنِي فِي هَذَا وَجْه غَيْر مَا ذَكَرْته اِنْتَهَى .
قَالَ فِي الشَّرْح : قُلْت فِي ثُبُوت هَذَا الْقَوْل أَيْ كَوْن تَحْرِيم وَجّ قَبْل نُزُول@

الصفحة 13