كتاب عون المعبود شرح سنن أبي داود (ط. المكبتة السلفية) (اسم الجزء: 6)

الطَّائِف نَظَر ، لِأَنَّ مُحَمَّد بْن إِسْحَاق قَالَ فِي مَغَازِيه مَا مُلَخَّصه : إِنَّ رِجَالًا مِنْ ثَقِيف قَدِمُوا عَلَى رَسُول اللَّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ الْمَدِينَة بَعْد وَقْعَة الطَّائِف ، فَضَرَبَ عَلَيْهِمْ قُبَّة فِي نَاحِيَة مَسْجِده ، وَكَانَ خَالِد بْنُ سَعِيد بْن الْعَاصِ هُوَ الَّذِي يَمْشِي بَيْنهمْ وَبَيْن رَسُول اللَّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ حَتَّى كَتَبُوا كِتَابهمْ ، وَكَانَ خَالِد هُوَ الَّذِي كَتَبَهُ ، وَكَانَ كِتَاب رَسُول اللَّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ الَّذِي كَتَبَ لَهُمْ أَيْ بَعْد إِسْلَام أَهْل الطَّائِف : بِسْمِ اللَّه الرَّحْمَن الرَّحِيم مِنْ مُحَمَّد النَّبِيّ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ رَسُول اللَّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِلَى الْمُؤْمِنِينَ أَنَّ عِضَاه وَصَيْده حَرَام لَا يُعْضَد مَنْ وُجِدَ يَصْنَع شَيْئًا مِنْ ذَلِكَ فَإِنَّهُ يُجْلَد وَيُنْزَع ثِيَابه ، فَإِنْ تَعَدَّى ذَلِكَ فَإِنَّهُ يُؤْخَذ فَيُبَلَّغ النَّبِيّ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مُحَمَّد ، وَأَنَّ هَذَا أَمْر النَّبِيّ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مُحَمَّد رَسُول اللَّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ . وَكَتَبَ خَالِد بْن سَعِيد بِأَمْرِ الرَّسُول مُحَمَّد بْن عَبْد اللَّه فَلَا يَتَعَدَّاهُ أَحَد فَيَظْلِم نَفْسه فِيمَا أَمَرَ بِهِ مُحَمَّد رَسُول اللَّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ . اِنْتَهَى مُلَخَّصًا مُحَرَّرًا مِنْ زَاد الْمَعَاد . ثُمَّ قَالَ اِبْن الْقَيِّم : إِنَّ وَادِي وَجّ ، وَهُوَ وَادٍ بِالطَّائِفِ حَرَم يَحْرُم صَيْده وَقَطْع شَجَره ، وَقَدْ اِخْتَلَفَ الْفُقَهَاء فِي ذَلِكَ ، وَالْجُمْهُور قَالُوا : لَيْسَ فِي الْبِقَاع حَرَم إِلَّا مَكَّة وَالْمَدِينَة ، وَأَبُو حَنِيفَة رَحِمَهُ اللَّه خَالَفَهُمْ فِي حَرَم الْمَدِينَة .
وَقَالَ الشَّافِعِيّ رَحِمَهُ اللَّه فِي أَحَد قَوْلَيْهِ : وَجّ حَرَم يَحْرُم صَيْده وَشَجَره وَاحْتَجَّ لِهَذَا الْقَوْل بِحَدِيثَيْنِ أَحَدهمَا هَذَا الَّذِي تَقَدَّمَ ، وَالثَّانِي حَدِيث عُرْوَة بْن الزُّبَيْر عَنْ أَبِيهِ الزُّبَيْر أَنَّ النَّبِيّ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ : إِنَّ صَيْد وَجّ وَعِضَاهه حَرَم مُحَرَّم لِلَّهِ ، وَرَوَاهُ الْإِمَام أَحْمَد وَأَبُو دَاوُدَ ، وَهَذَا الْحَدِيث يُعْرَف لِمُحَمَّدِ بْن عَبْد اللَّه بْن إِنْسَان عَنْ أَبِيهِ عَنْ عُرْوَة . قَالَ الْبُخَارِيّ فِي تَارِيخه : لَا يُتَابَع عَلَيْهِ .
قُلْت : وَفِي سَمَاع عُرْوَة عَنْ أَبِيهِ نَظَر وَإِنْ كَانَ قَدْ رَآهُ وَاَللَّه أَعْلَم . اِنْتَهَى . وَالْحَدِيث سَكَتَ عَنْهُ أَبُو دَاوُدَ وَكَذَا عَبْد الْحَقّ أَيْضًا ، وَتُعُقِّبَ بِمَا نُقِلَ عَنْ الْبُخَارِيّ أَنَّهُ لَمْ يَصِحّ وَكَذَا قَالَ الْأَزْدِيُّ . وَذَكَرَ الذَّهَبِيّ أَنَّ الشَّافِعِيّ صَحَّحَهُ@

الصفحة 14