كتاب عون المعبود شرح سنن أبي داود (ط. المكبتة السلفية) (اسم الجزء: 6)

حُسَيْن الْمَرَاغِيّ نَزِيل الْمَدِينَة فِي مُخْتَصَره لِأَخْبَارِ الْمَدِينَة : إِنَّ خَلْف أَهْل الْمَدِينَة يَنْقُلُونَ عَنْ سَلَفهمْ أَنَّ خَلْف أُحُد مِنْ جِهَة الشِّمَال جَبَلًا صَغِيرًا إِلَى الْحُمْرَة بِتَدْوِيرٍ يُسَمَّى ثَوْرًا . قَالَ وَقَدْ تَحَقَّقْته بِالْمُشَاهَدَةِ .
( فَمَنْ أَحْدَثَ )
: أَيْ أَظْهَرَ
( حَدَثًا )
: بِفَتْحِ الْحَاء وَالدَّال أَيْ مُخَالِفًا لِمَا جَاءَ بِهِ الرَّسُول اللَّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كَمَنْ اِبْتَدَعَ بِهَا بِدْعَة
( أَوْ آوَى )
: بِالْمَدِّ
( مُحْدِثًا )
: بِكَسْرِ الدَّال أَيْ مُبْتَدِعًا
( وَالنَّاس أَجْمَعِينَ )
: فِيهِ وَعِيد شَدِيد . قَالَ الْقَسْطَلَّانِيُّ : لَكِنْ الْمُرَاد بِاللَّعْنِ هُنَا الْعَذَاب الَّذِي يَسْتَحِقّهُ عَلَى ذَنْبه لَا كَلَعْنِ الْكَافِر الْمُبْعَد عَنْ رَحْمَة اللَّه كُلّ الْإِبْعَاد
( لَا يُقْبَل )
: بِصِيغَةِ الْمَجْهُول
( مِنْهُ )
: مِنْ كُلّ وَاحِد
( عَدْل وَلَا صَرْف )
: قَالَ الْخَطَّابِيُّ : يُقَال فِي تَفْسِير الْعَدْل إِنَّهُ الْفَرِيضَة وَالصَّرْف النَّافِلَة . وَمَعْنَى الْعَدْل هُوَ الْوَاجِب الَّذِي لَا بُدّ مِنْهُ وَمَعْنَى الصَّرْف الرِّبْح وَالزِّيَادَة ، وَمِنْهُ صَرْف الدَّرَاهِم وَالدَّنَانِير . وَالنَّوَافِل الزِّيَادَات عَلَى الْأُصُول ، فَلِذَلِكَ سُمِّيَتْ صَرْفًا اِنْتَهَى
( ذِمَّة الْمُسْلِمِينَ )
: أَيْ عَهْدهمْ وَأَمَانهمْ
( وَاحِدَة )
: أَيْ إِنَّهَا كَالشَّيْءِ الْوَاحِد لَا يَخْتَلِف بِاخْتِلَافِ الْمَرَاتِب وَلَا يَجُوز نَقْضهَا لِتَفَرُّدِ الْعَاقِد بِهَا . وَكَأَنَّ الَّذِي يَنْقُص ذِمَّة نَفْسه وَهِيَ مَا يُذَمّ الرَّجُل عَلَى إِضَاعَته مِنْ عَهْد وَأَمَان كَأَنَّهُمْ كَالْجَسَدِ الْوَاحِد الَّذِي إِذَا اِشْتَكَى بَعْضه اِشْتَكَى كُلّه
( يَسْعَى بِهَا )
: أَيْ يَتَوَلَّاهَا وَيَلِي أَمْرهَا
( أَدْنَاهُمْ )
: أَيْ أَدْنَى الْمُسْلِمِينَ مَرْتَبَة .
وَالْمَعْنَى أَنَّ ذِمَّة الْمُسْلِمِينَ وَاحِدَة سَوَاء صَدَرَتْ مِنْ وَاحِد أَوْ أَكْثَر شَرِيف أَوْ وَضِيع . قَالَ الطِّيبِيُّ : فَإِذَا أَمَّنَ أَحَد مِنْ الْمُسْلِمِينَ كَافِرًا لَمْ يَحِلّ لِأَحَدٍ نَقْضه وَإِنْ كَانَ الْمُؤْمِن عَبْدًا . قَالَ الْخَطَّابِيُّ : مَعْنَاهُ أَنْ يُحَاصِر الْإِمَام قَوْمًا مِنْ أَهْل الْكُفْر فَيُعْطِي بَعْض عَسْكَرَة الْمُسْلِمِينَ أَمَانًا لِبَعْضِ الْكُفَّار فَإِنَّ أَمَانه مَاضٍ وَإِنْ كَانَ الْمُجِير عَبْدًا وَهُوَ أَدْنَاهُمْ@

الصفحة 19