كتاب عون المعبود شرح سنن أبي داود (ط. المكبتة السلفية) (اسم الجزء: 6)

الْإِزْعَاج وَتَنْحِيَته مِنْ مَوْضِعه فَإِنْ نَفَّرَهُ عَصَى سَوَاء تَلِفَ أَمْ لَا لَكِنْ إِنْ تَلِفَ فِي نِفَاره قَبْل سُكُون نِفَاره ضَمِنَهُ الْمُنَفِّر وَإِلَّا فَلَا ضَمَان . قَالَ الْعُلَمَاء : نَبَّهَ النَّبِيّ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِالتَّنْفِيرِ عَلَى الْإِتْلَاف وَنَحْوه لِأَنَّهُ إِذَا حَرُمَ التَّنْفِير فَالْإِتْلَاف أَوْلَى . قَالَهُ النَّوَوِيّ
( أَشَادَ بِهَا )
: هَكَذَا فِي بَعْض النُّسَخ أَيْ رَفَعَ صَوْته بِتَعْرِيفِهَا أَبَدًا لَا سَنَة ، يُقَال أَشَادَهُ وَأَشَادَ بِهِ إِذَا أَشَاعَهُ وَرَفَعَ ذِكْره . كَذَا فِي النِّهَايَة . وَفِي بَعْضهَا أَنْشَدَهَا ، وَفِي رِوَايَة مُسْلِم مِنْ حَدِيث أَبِي هُرَيْرَة لَا تَحِلّ لُقَطَتهَا إِلَّا لِمُنْشِدٍ . الْمُنْشِد هُوَ الْمُعَرِّف ، وَأَمَّا طَالِبهَا فَيُقَال لَهُ نَاشِد . وَأَصْل النَّشْد وَالنِّشَاد رَفْع الصَّوْت . وَمَعْنَى الْحَدِيث لَا تَحِلّ لُقَطَتهَا لِمَنْ يُرِيد أَنْ يُعَرِّفهَا سَنَة ثُمَّ يَتَمَلَّكهَا كَمَا فِي بَاقِي الْبِلَاد بَلْ لَا تَحِلّ إِلَّا لِمَنْ يُعَرِّفهَا أَبَدًا وَلَا يَتَمَلَّكهَا ، وَبِهَذَا قَالَ الشَّافِعِيّ وَعَبْد الرَّحْمَن بْن مَهْدِيّ وَأَبُو عُبَيْد وَغَيْرهمْ . وَقَالَ مَالِك : يَجُوز تَمَلُّكهَا بَعْد تَعَرُّفهَا سَنَة كَمَا فِي سَائِر الْبِلَاد . وَبِهِ قَالَ بَعْض أَصْحَاب الشَّافِعِيّ . قَالَهُ النَّوَوِيّ
( وَلَا يَصْلُح لِرَجُلٍ )
: قَالَ اِبْن رَسْلَان : هَذَا مَحْمُول عِنْد أَهْل الْعِلْم عَلَى حَمْل السِّلَاح لِغَيْرِ ضَرُورَة وَلَا حَاجَة فَإِنْ كَانَتْ حَاجَة جَازَ
( وَلَا يَصْلُح أَنْ يُقْطَع )
: اُسْتُدِلَّ بِهَذَا وَغَيْر ذَلِكَ مِنْ الْأَحَادِيث الصَّحِيحَة عَلَى تَحْرِيم شَجَرهَا وَخَبَطه وَعَضْدِهِ وَتَحْرِيم صَيْدهَا وَتَنْفِيره . الشَّافِعِيّ وَمَالِك وَأَحْمَد وَجُمْهُور أَهْل الْعِلْم عَلَى أَنَّ لِلْمَدِينَةِ حَرَمًا كَحَرَمِ مَكَّة يَحْرُم صَيْده وَشَجَره . قَالَ الشَّافِعِيّ وَمَالِك : فَإِنْ قَتَلَ صَيْدًا أَوْ قَطَعَ شَجَرًا فَلَا ضَمَان لِأَنَّهُ لَيْسَ بِمَحَلٍّ لِلنُّسُكِ فَأَشْبَهَ الْحِمَى . وَقَالَ اِبْن أَبِي ذِئْب وَابْن أَبِي لَيْلَى يَجِب فِيهِ الْجَزَاء كَحَرَمِ مَكَّة ، وَبِهِ قَالَ بَعْض الْمَالِكِيَّة وَهُوَ ظَاهِر قَوْله كَمَا حَرَّمَ إِبْرَاهِيم مَكَّة . وَذَهَبَ أَبُو حَنِيفَة وَغَيْره إِلَى أَنَّ حَرَم الْمَدِينَة لَيْسَ بِحَرَمٍ عَلَى الْحَقِيقَة وَلَا تَثْبُت لَهُ الْأَحْكَام مِنْ تَحْرِيم قَتْل الصَّيْد وَقَطْع الشَّجَر ، وَالْأَحَادِيث@

الصفحة 21