كتاب عون المعبود شرح سنن أبي داود (ط. المكبتة السلفية) (اسم الجزء: 6)

الْأُخْرَى أَنَّهُ ضَرَّاب لِلنِّسَاءِ ، ذَكَرَهُ النَّوَوِيّ ، وَقَالَ : فِيهِ دَلِيل عَلَى جَوَاز ذِكْر الْإِنْسَان بِمَا فِيهِ عِنْد الْمُشَاوَرَة وَطَلَب النَّصِيحَة ، وَلَا يَكُون هَذَا فِي الْغِيبَة الْمُحَرَّمَة بَلْ مِنْ النَّصِيحَة الْوَاجِبَة
( فَصُعْلُوكٌ )
: بِضَمِّ الصَّاد أَيْ فَقِير
( لَا مَال لَهُ )
: صِفَة كَاشِفَة
( اِنْكِحِي )
: بِهَمْزِ وَصْل وَكَسْر الْكَاف أَيْ تَزَوَّجِي
( فَكَرِهَتْهُ )
: أَيْ اِبْتِدَاء لِكَوْنِهِ مَوْلًى أَسْوَد جِدًّا . وَإِنَّمَا أَشَارَ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِنِكَاحِ أُسَامَة لِمَا عَلِمَهُ مِنْ دِينه وَفَضْله وَحُسْن طَرَائِقه وَكَرَم شَمَائِله فَنَصَحَهَا بِذَلِكَ
( ثُمَّ قَالَ انْكِحِي )
: إِنَّمَا كَرَّرَ عَلَيْهَا الْحَثّ عَلَى زَوَاجه لِمَا عَلِمَ مِنْ مَصْلَحَتهَا فِي ذَلِكَ وَكَانَ كَذَلِكَ ، وَلِذَا قَالَتْ فَجَعَلَ اللَّه تَعَالَى إِلَخْ
( وَاغْتَبَطْت بِهِ )
: بِفَتْحِ التَّاء وَالْبَاء أَيْ صِرْت ذَات غِبْطَة بِحَيْثُ اغْتَبَطَتْنِي النِّسَاء لِحَظٍّ كَانَ لِي مِنْهُ قَالَهُ الْقَارِي ، وَقَالَ النَّوَوِيّ : قَالَ أَهْل اللُّغَة الْغِبْطَة أَنْ يَتَمَنَّى مِثْل حَال الْمَغْبُوط مِنْ غَيْر إِرَادَة زَوَالهَا عَنْهُ ، وَلَيْسَ هُوَ الْحَسَد ، تَقُول مِنْهُ غَبَطْته بِمَا نَالَ أَغْبَطهُ بِكَسْرِ الْبَاء غَبْطًا وَغِبْطَة فَاغْتَبَطَ هُوَ كَمَنَعْتُهُ فَامْتَنَعَ وَحَبَسْته فَاحْتَبَسَ اِنْتَهَى . وَفِي الْحَدِيث حُجَّة لِمَنْ قَالَ إِنَّ الْمُطَلَّقَة ثَلَاثًا لَا نَفَقَة لَهَا وَلَا سُكْنَى . قَالَ النَّوَوِيّ : اِخْتَلَفَ الْعُلَمَاء فِي الْمُطَلَّقَة الْبَائِن الْحَائِل [ أَيْ غَيْر الْحَامِل ] هَلْ لَهَا النَّفَقَة وَالسُّكْنَى أَمْ لَا ، فَقَالَ عُمَر بْن الْخَطَّاب وَأَبُو حَنِيفَة وَآخَرُونَ لَهَا السُّكْنَى وَالنَّفَقَة . وَقَالَ اِبْن عَبَّاس وَأَحْمَد : لَا سُكْنَى لَهَا وَلَا نَفَقَة . وَقَالَ مَالِك وَالشَّافِعِيّ وَآخَرُونَ : يَجِب لَهَا السُّكْنَى وَلَا نَفَقَة لَهَا . وَاحْتَجَّ مَنْ أَوْجَبَهُمَا جَمِيعًا بِقَوْلِهِ تَعَالَى { أَسْكِنُوهُنَّ مِنْ حَيْثُ سَكَنْتُمْ مِنْ وُجْدكُمْ } فَهَذَا أَمْر بِالسُّكْنَى . وَأَمَّا النَّفَقَة فَلِأَنَّهَا مَحْبُوسَة عَلَيْهِ . وَقَدْ قَالَ عُمَر : لَا نَدَعُ كِتَاب رَبّنَا وَسُنَّة نَبِيّنَا صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِقَوْلِ اِمْرَأَة جَهِلَتْ أَوْ نَسِيَتْ . قَالَ الْعُلَمَاء الَّذِي فِي كِتَاب رَبّنَا إِنَّمَا هُوَ إِثْبَات السُّكْنَى . قَالَ الدَّارَقُطْنِيُّ : @

الصفحة 380