كتاب عون المعبود شرح سنن أبي داود (ط. المكبتة السلفية) (اسم الجزء: 6)
أَنْ يَكُون أَرَادَ بِذَلِكَ سُنَّة كَانَ يَرْوِيهَا عَنْ رَسُول اللَّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ نَصًّا وَتَوْقِيفًا ، وَالْوَجْه الْآخَر أَنْ يَكُون ذَلِكَ مِنْهُ اِجْتِهَادًا عَلَى مَعْنَى السُّنَّة فِي الْحَرَائِر ، وَلَوْ كَانَ مَعْنَى السُّنَّة التَّوْقِيف لَأَشْبَهَ أَنْ يُصَرِّح بِهِ . وَأَيْضًا فَإِنَّ التَّلْبِيس لَا يَقَع فِي النُّصُوص إِنَّمَا يَكُون غَالِبًا فِي الرَّأْي وَالِاجْتِهَاد ، وَقَدْ تَأَوَّلَهُ بَعْضهمْ عَلَى أَنَّهُ إِنَّمَا جَاءَ فِي أُمّ وَلَد بِعَيْنِهَا كَانَ أَعْتَقَهَا صَاحِبهَا ثُمَّ تَزَوَّجَهَا ، وَهَذِهِ إِذَا مَاتَ عَنْهَا مَوْلَاهَا الَّذِي هُوَ زَوْجهَا كَانَتْ عِدَّتهَا أَرْبَعَة أَشْهُر وَعَشْرًا إِنْ لَمْ تَكُنْ حَامِلًا بِلَا خِلَاف بَيْن أَهْل الْعِلْم .
وَقَدْ اِخْتَلَفَ الْعُلَمَاء فِي عِدَّة أُمّ الْوَلَد ، فَذَهَبَ الْأَوْزَاعِيُّ وَإِسْحَاق بْن رَاهْوَيْهِ فِي ذَلِكَ إِلَى حَدِيث عَمْرو بْن الْعَاصِ ، وَقَالَا : تَعْتَدّ أُمّ الْوَلَد أَرْبَعَة أَشْهُر وَعَشْرًا كَالْحُرَّةِ ، وَرُوِيَ ذَلِكَ عَنْ اِبْن الْمُسَيِّب وَسَعِيد بْن جُبَيْر وَالْحَسَن وَابْن سِيرِينَ . وَقَالَ سُفْيَان الثَّوْرِيّ وَأَصْحَاب الرَّأْي : عِدَّتهَا ثَلَاث حِيَض ، وَهُوَ قَوْل عَطَاء وَالنَّخَعِيِّ ، وَقَدْ رُوِيَ ذَلِكَ عَنْ عَلِيّ بْن أَبِي طَالِب وَابْن مَسْعُود . وَقَالَ مَالِك وَالشَّافِعِيّ وَأَحْمَد بْن حَنْبَل : عِدَّتهَا حَيْضَة ، وَرُوِيَ ذَلِكَ عَنْ اِبْن عُمَر ، وَهُوَ قَوْل عُرْوَة بْن الزُّبَيْر وَالْقَاسِم بْن مُحَمَّد وَالشَّعْبِيّ وَالزُّهْرِيّ اِنْتَهَى
( عِدَّة الْمُتَوَفَّى عَنْهَا أَرْبَعَة أَشْهُر وَعَشْرًا يَعْنِي )
: أَيْ بِالْمُتَوَفَّى عَنْهَا
( أُمّ الْوَلَد )
: هِيَ الْجَارِيَة الَّتِي وَلَدَتْ @
الصفحة 420