كتاب عون المعبود شرح سنن أبي داود (ط. المكبتة السلفية) (اسم الجزء: 6)
قَالَهُ فِي الْخَازِن . وَقَالَ فِي فَتْح الْوَدُود : أَيْ فَرَغَّبَ اللَّه تَعَالَى إِيَّاهُمْ فِي الصَّوْم أَوَّلًا وَنَدَبَهُمْ إِلَيْهِ بِقَوْلِهِ
{ وَأَنْ تَصُومُوا خَيْرٌ لَكُمْ }
لِيَعْتَادُوا الصَّوْم فَحِين اِعْتَادُوا ذَلِكَ أَوْجَبَ عَلَيْهِمْ ، وَلَمْ يَرِد أَنَّ قَوْله { وَأَنْ تَصُومُوا } نَاسِخ لِلْفِدْيَةِ مِنْ أَصْلهَا ، فَلَعَلَّ مَنْ قَالَ إِنَّهُ نَاسِخ لِلْفِدْيَةِ أَرَادَ هَذَا الْقَدْر وَاَللَّه - تَعَالَى - أَعْلَم اِنْتَهَى كَلَام السِّنْدِيِّ ، وَقَالَ الْخَازِن : قِيلَ هُوَ خِطَاب مَعَ الَّذِينَ يُطِيقُونَهُ فَيَكُون الْمَعْنَى وَأَنْ تَصُومُوا أَيّهَا الْمُطِيقُونَ وَتَتَحَمَّلُوا الْمَشَقَّة فَهُوَ خَيْر لَكُمْ مِنْ الْإِفْطَار وَالْفِدْيَة . وَقِيلَ : هُوَ خِطَاب مَعَ الْكَافَّة ، وَهُوَ الْأَصَحّ ؛ لِأَنَّ اللَّفْظ عَامّ فَرُجُوعه إِلَى الْكُلّ أَوْلَى
( وَقَالَ )
: اللَّه تَعَالَى
{ فَمَنْ شَهِدَ مِنْكُمْ الشَّهْر فَلْيَصُمْهُ }
فَفَرَضَ الصَّوْم وَنَسَخَ التَّخْيِير . قَالَ الْمُنْذِرِيُّ : وَفِيهِ عَلِيّ بْن الْحُسَيْن بْنِ وَاقِد بْن الْمَسِيح ، وَفِيهِ مَقَالٌ .
قَالَ صَاحِبُ عَوْنِ الْمَعْبُودِ :
أَيْ هَذَا بَاب فِي بَيَان أَنَّ مَنْ قَالَ هَذِهِ الْآيَة ( وَعَلَى الَّذِينَ يُطِيقُونَهُ ) ثَابِتَة لِلشَّيْخِ وَالْحُبْلَى وَهِيَ غَيْر مَنْسُوخَة .
1973 -
قَالَ صَاحِبُ عَوْنِ الْمَعْبُودِ :
( قَالَ أُثْبِتَتْ لِلْحُبْلَى )
: أَيْ أُثْبِتَتْ آيَة { وَعَلَى الَّذِينَ يُطِيقُونَهُ } لَهُمَا وَنُسِخَتْ فِي الْبَاقِي ، فَالنَّسْخ السَّابِق أَرَادَ بِهِ نَسْخ الْعُمُوم ، وَالْحَاصِل أَنَّ مَنْ يُطِيق الصَّوْم لَكِنْ لَهُ عُذْر يُنَاسِب الْإِفْطَار أَوْ عَلَيْهِ فِيهِ زِيَادَة تَعَب كَالشَّيْخِ الْكَبِير فَالْآيَة فِيهِ بَقِيَتْ مَعْمُولَة وَنُسِخَتْ فِي غَيْره ، وَعَلَى هَذَا فَلَا حَاجَة فِي بِنَاء هَذَا الْإِثْبَات إِلَى تَقْدِير لَا فِي قَوْله { وَعَلَى الَّذِينَ يُطِيقُونَهُ }@
الصفحة 430