كتاب عون المعبود شرح سنن أبي داود (ط. المكبتة السلفية) (اسم الجزء: 6)

رَسُولًا مِنْهُمْ } وَلَا يَرُدّ عَلَى ذَلِكَ أَنَّهُ كَانَ فِيهِمْ مَنْ يَكْتُب وَيَحْسِب لِأَنَّ الْكِتَابَة كَانَتْ فِيهِمْ قَلِيلَة نَادِرَة .
وَالْمُرَاد بِالْحِسَابِ هُمَا حِسَاب النُّجُوم وَتَسْيِيرهَا وَلَمْ يَكُونُوا يَعْرِفُونَ مِنْ ذَلِكَ أَيْضًا إِلَّا النَّزْر الْيَسِير ، فَعَلَّقَ الْحُكْم بِالصَّوْمِ وَغَيْره بِالرُّؤْيَةِ لِرَفْعِ الْحَرَج عَنْهُمْ فِي مُعَانَاة حِسَاب التَّسْيِير اِنْتَهَى .
قَالَ الْعَيْنِيّ : وَقَوْله لَا نَحْسُب بِضَمِّ السِّين
( الشَّهْر )
: أَيْ الَّذِي نَحْنُ فِيهِ ، أَوْ جِنْس الشَّهْر وَهُوَ مُبْتَدَأ
( هَكَذَا )
: مُشَارًا بِهَا إِلَى نَشْر الْأَصَابِع الْعَشْر
( وَهَكَذَا )
: ثَانِيًا
( وَهَكَذَا )
: ثَالِثًا خَبَره بِالرَّبْطِ بَعْد الْعَطْف ، وَفَسَّرَهُ الرَّاوِي بِتِسْعَةٍ وَعِشْرِينَ وَثَلَاثِينَ . قُلْت : لَفْظ هَكَذَا وَهَكَذَا وَهَكَذَا ثَابِت فِي بَعْض النُّسَخ ثَلَاث مَرَّات وَفِي بَعْض النُّسَخ هَكَذَا وَهَكَذَا مَرَّتَانِ ، وَكَذَا أَوْرَدَهُ الْبُخَارِيّ وَفِي رِوَايَة مُخْتَصَرًا وَلَفْظه الشَّهْر هَكَذَا وَهَكَذَا يَعْنِي مَرَّة تِسْعَة وَعِشْرِينَ وَمَرَّة ثَلَاثِينَ .
قَالَ الْحَافِظ فِي الْفَتْح : هَكَذَا ذَكَرَهُ آدَم شَيْخ الْبُخَارِيّ مُخْتَصَرًا ، وَفِيهِ اِخْتِصَار عَمَّا رَوَاهُ غُنْدَر عَنْ شُعْبَة . أَخْرَجَهُ مُسْلِم عَنْ اِبْن الْمُثَنَّى وَغَيْره عَنْهُ بِلَفْظِ : الشَّهْر هَكَذَا وَهَكَذَا وَعَقَدَ الْإِبْهَام فِي الثَّالِثَة ، وَالشَّهْر هَكَذَا وَهَكَذَا وَهَكَذَا يَعْنِي تَمَام الثَّلَاثِينَ أَيْ أَشَارَ أَوَّلًا بِأَصَابِع يَدَيْهِ الْعَشْر جَمِيعًا مَرَّتَيْنِ وَقَبَضَ الْإِبْهَام فِي الْمَرَّة الثَّالِثَة ، وَهَذَا الْمُعَبَّر عَنْهُ بِقَوْلِهِ تِسْع وَعِشْرُونَ ، وَأَشَارَ مَرَّة أُخْرَى بِهِمَا ثَلَاث مَرَّات وَهُوَ الْمُعَبَّر عَنْهُ بِقَوْلِهِ ثَلَاثُونَ اِنْتَهَى . وَقَالَ الْخَطَّابِيُّ : قَوْله الشَّهْر هَكَذَا يُرِيد أَنَّ الشَّهْر قَدْ يَكُون تِسْعَة وَعِشْرِينَ وَلَيْسَ يُرِيد أَنَّ كُلّ شَهْر تِسْعَة وَعِشْرُونَ وَإِنَّمَا اِحْتَاجَ إِلَى بَيَان مَا كَانَ مَوْهُومًا أَنْ يَخْفَى عَلَيْهِمْ لِأَنَّ الشَّهْر فِي الْعُرْف وَغَالِب الْعَادَة ثَلَاثُونَ ، فَوَجَبَ أَنْ يَكُون الْبَيَان فِيهِ مَصْرُوفًا إِلَى النَّادِر دُون الْمَعْرُوف مِنْهُ ، فَلَوْ أَنَّ رَجُلًا حَلَفَ أَوْ نَذَرَ أَنْ @

الصفحة 434