كتاب عون المعبود شرح سنن أبي داود (ط. المكبتة السلفية) (اسم الجزء: 6)

يَصُوم شَهْرًا بِعَيْنِهِ فَصَامَ فَكَانَ تِسْعًا وَعِشْرِينَ كَانَ بَارًّا فِي يَمِينه وَنَذْره ، وَلَوْ حَلَفَ لَيَصُومَن شَهْرًا لَا بِعَيْنِهِ فَعَلَيْهِ إِتْمَام الْعِدَّة ثَلَاثِينَ يَوْمًا .
وَفِي الْحَدِيث مُسْتَدَلّ لِمَنْ رَأَى الْحُكْم بِالْإِشَارَةِ وَإِعْمَال دَلَالَة الْإِيمَاء كَمَنْ قَالَ : اِمْرَأَتِي طَالِق وَأَشَارَ بِإِصْبَعِهِ الثَّلَاث أَنَّهُ يَلْزَمهُ ثَلَاث تَطْلِيقَات عَلَى الظَّاهِر مِنْ الْحَال .
( وَخَنَسَ سُلَيْمَان أُصْبُعه )
: قَالَ الْخَطَّابِيُّ : أَيْ أَضْجَعَهَا فَأَخَّرَهَا عَنْ مَقَام أَخَوَاتهَا ، وَيُقَال لِلرَّجُلِ إِذَا كَانَ مَعَ أَصْحَابه فِي مَسِير أَوْ سَفَر فَتَخَلَّفَ عَنْهُمْ قَدْ خَنَسَ عَنْ أَصْحَابه اِنْتَهَى .
وَقَالَ الْعَيْنِيّ : لَفْظ خَنَسَ بِفَتْحِ الْخَاء الْمُعْجَمَة وَالنُّون وَفِي آخِره سِين مُهْمَلَة مَعْنَاهُ قَبَضَ . وَالْمَشْهُور أَنَّهُ لَازِم يُقَال خَنَسَ خُنُوسًا ، وَيُرْوَى حَبَسَ بِالْحَاءِ الْمُهْمَلَة وَالْبَاء الْمُوَحَّدَة بِمَعْنَى خَنَسَ وَهِيَ رِوَايَة الْكُشْمِيهَنِيِّ . اِنْتَهَى . قَالَ الْمُنْذِرِيُّ : وَالْحَدِيث أَخْرَجَهُ الْبُخَارِيّ وَمُسْلِم وَابْن مَاجَهْ .
1976 -
قَالَ صَاحِبُ عَوْنِ الْمَعْبُودِ :
( الشَّهْر تِسْع وَعِشْرُونَ )
: ظَاهِره حَصْر الشَّهْر فِي تِسْع وَعِشْرِينَ مَعَ أَنَّهُ لَا يَنْحَصِر فِيهِ بَلْ قَدْ يَكُون ثَلَاثِينَ ، وَالْجَوَاب أَنَّ الْمَعْنَى أَنَّ الشَّهْر يَكُون تِسْعَة وَعِشْرِينَ أَوْ اللَّام لِلْعَهْدِ وَالْمُرَاد شَهْر بِعَيْنِهِ ، أَوْ هُوَ مَحْمُول عَلَى الْأَكْثَر الْأَغْلَب لِقَوْلِ اِبْن مَسْعُود : مَا صُمْنَا مَعَ النَّبِيّ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ تِسْعًا وَعِشْرِينَ أَكْثَر مِمَّا صُمْنَا ثَلَاثِينَ أَخْرَجَهُ أَبُو دَاوُدَ وَالتِّرْمِذِيّ . قَالَهُ فِي الْفَتْح
( فَلَا تَصُومُوا حَتَّى تَرَوْهُ )
: أَيْ الْهِلَال ، لَا يُقَال إِنَّهُ إِضْمَار قَبْل الذِّكْر لِدَلَالَةِ السِّيَاق عَلَيْهِ ، كَقَوْلِهِ تَعَالَى { وَلِأَبَوَيْهِ لِكُلِّ وَاحِد مِنْهُمَا السُّدُس } أَيْ لِأَبَوَيْ الْمَيِّت . قَالَهُ الْعَيْنِيّ .
وَقَالَ فِي الْفَتْح : لَيْسَ الْمُرَاد تَعْلِيق الصَّوْم بِالرُّؤْيَةِ فِي حَقّ كُلّ أَحَد بَلْ الْمُرَاد @

الصفحة 435