كتاب عون المعبود شرح سنن أبي داود (ط. المكبتة السلفية) (اسم الجزء: 6)

بِذَلِكَ رُؤْيَة بَعْضهمْ وَهُوَ مَنْ يَثْبُت بِهِ ذَلِكَ إِمَّا وَاحِد عَلَى رَأْي الْجُمْهُور أَوْ اِثْنَانِ عَلَى رَأْي آخَرِينَ اِنْتَهَى
( وَلَا تُفْطِرُوا حَتَّى تَرَوْهُ )
: أَيْ هِلَال شَوَّال . وَقَدْ اُسْتُفِيدَ مِنْ هَذَا الْحَدِيث أَنَّ وُجُوب الصَّوْم وَوُجُوب الْإِفْطَار عِنْد اِنْتِهَاء الصَّوْم مُتَعَلِّقًا بِرُؤْيَةِ الْهِلَال
( فَإِنْ غُمَّ عَلَيْكُمْ )
: بِضَمِّ الْغَيْن الْمُعْجَمَة وَتَشْدِيد الْمِيم أَيْ حَال بَيْنكُمْ وَبَيْنه غَيْم . قَالَهُ الْحَافِظ .
وَقَالَ الْعَيْنِيّ : أَيْ فَإِنْ سُتِرَ الْهِلَال عَلَيْكُمْ ، وَمِنْهُ الْغَمّ لِأَنَّهُ يَسْتُر الْقَلْب ، وَالرَّجُل الْأَغَمّ الْمَسْتُور الْجَبْهَة بِالشَّعْرِ ، وَسُمِّيَ السَّحَاب غَيْمًا لِأَنَّهُ يَسْتُر السَّمَاء ، وَيُقَال غُمَّ الْهِلَال إِذَا اِسْتَتَرَ وَلَمْ يُرَ لِاسْتِتَارِهِ بِغَيْمٍ وَنَحْوه ، وَغَمَمْت الشَّيْء أَيْ غَطَّيْته اِنْتَهَى
( فَاقْدُرُوا لَهُ )
: أَيْ لِلشَّهْرِ . قَالَ الطِّيبِيُّ : أَيْ فَاقْدُرُوا عَدَد الشَّهْر الَّذِي كُنْتُمْ فِيهِ . اِنْتَهَى وَقَالَ الزَّرْكَشِيّ يَعْنِي حَقِّقُوا مَقَادِير أَيَّام شَعْبَان حَتَّى تُكْمِلُوهُ ثَلَاثِينَ يَوْمًا اِنْتَهَى .
وَقَالَ الْعَيْنِيّ : هُوَ بِضَمِّ الدَّال وَكَسْرهَا يُقَال : قَدِرْت لِأَمْرِ كَذَا إِذَا نَظَرْت فِيهِ وَدَبَّرْته اِنْتَهَى . وَفِي رِوَايَة الْبُخَارِيّ : الشَّهْر تِسْع وَعِشْرُونَ لَيْلَة فَلَا تَصُومُوا حَتَّى تَرَوْهُ فَإِنْ غُمَّ عَلَيْكُمْ فَأَكْمِلُوا الْعِدَّة ثَلَاثِينَ .
قَالَ فِي الْفَتْح : قَالَ الْجُمْهُور الْمُرَاد بِقَوْلِهِ فَاقْدُرُوا لَهُ أَيْ اُنْظُرُوا فِي أَوَّل الشَّهْر وَاحْسِبُوا تَمَام الثَّلَاثِينَ وَيُرَجِّح هَذَا التَّأْوِيل الرِّوَايَات الْأُخَر الْمُصَرِّحَة بِالْمُرَادِ وَهِيَ فَأَكْمِلُوا الْعِدَّة ثَلَاثِينَ وَنَحْوهَا . وَأَوْلَى مَا فُسِّرَ الْحَدِيث بِالْحَدِيثِ اِنْتَهَى .
قَالَ الْخَطَابِيّ : قَوْله فَاقْدُرُوا لَهُ مَعْنَاهُ التَّقْدِير بِإِكْمَالِ الْعَدَد ثَلَاثِينَ ، يُقَال : قَدَرْت الشَّيْء أَقْدِرهُ قَدْرًا بِمَعْنَى قَدَّرْته تَقْدِيرًا وَمِنْهُ قَوْله تَعَالَى { وَقَدَرْنَا فَنِعْمَ الْقَادِرُونَ } وَكَانَ بَعْض أَهْل الْمَذْهَب يَذْهَب فِي ذَلِكَ غَيْر هَذَا الْمَذْهَب ، وَتَأَوَّلَهُ عَلَى التَّقْدِير بِحِسَابِ سَيْر الْقَمَر فِي الْمَنَازِل ، وَالْقَوْل الْأَوَّل أَشْبَه ، أَلَا تَرَاهُ يَقُول@

الصفحة 436