كتاب عون المعبود شرح سنن أبي داود (ط. المكبتة السلفية) (اسم الجزء: 6)

وَقَالَ الْخَطَّابِيُّ : اِخْتَلَفَ النَّاس فِي مَعْنَى النَّهْي عَنْ صِيَام يَوْم الشَّكّ ، فَقَالَ قَوْم إِنَّمَا نَهَى عَنْ صِيَامه إِذَا نَوَى بِهِ أَنْ يَكُون مِنْ رَمَضَان ، فَأَمَّا مَنْ نَوَى بِهِ صَوْم يَوْم مِنْ شَعْبَان فَهُوَ جَائِز . هَذَا قَوْل مَالِك بْن أَنَس وَالْأَوْزَاعِيِّ وَأَبِي حَنِيفَة وَأَصْحَابه ، وَرَخَّصَ فِيهِ عَلَى هَذَا الْوَجْه أَحْمَد بْن حَنْبَل وَإِسْحَاق بْن رَاهْوَيْهِ وَقَالَتْ طَائِفَة : لَا يُصَام ذَلِكَ الْيَوْم عَنْ فَرْض وَلَا تَطَوُّع لِلنَّهْيِ فِيهِ وَلِيَقَع الْفَصْل بِذَلِكَ بَيْن شَعْبَان وَرَمَضَان . وَهَكَذَا قَالَ عِكْرِمَة .
وَرَوَى مَعْنَاهُ عَنْ أَبِي هُرَيْرَة وَابْن عَبَّاس رَضِيَ اللَّه عَنْهُمْ وَعَائِشَة وَأَسْمَاء اِبْنَتَا أَبِي بَكْر تَصُومَانِ ذَلِكَ الْيَوْم ، وَقَالَتْ عَائِشَة رَضِيَ اللَّه عَنْهَا : لَأَنْ أَصُوم يَوْمًا مِنْ شَعْبَان أَحَبَّ إِلَيَّ مِنْ أَنْ أُفْطِر يَوْمًا مِنْ رَمَضَان .
وَكَانَ مَذْهَب عَبْد اللَّه بْن عُمَر بْن الْخَطَّاب رَضِيَ اللَّه عَنْهُمَا صَوْم يَوْم الشَّكّ إِذَا كَانَ فِي السَّمَاء سَحَاب أَوْ قَتَرَة ، فَإِنْ كَانَ صَحْو وَلَمْ يَرَ النَّاس الْهِلَال أَفْطَرَ مَعَ النَّاس ، وَإِلَيْهِ ذَهَبَ أَحْمَد بْن حَنْبَل ، وَقَالَ الشَّافِعِيّ : إِنْ وَافَقَ يَوْم الشَّكّ يَوْمًا كَانَ يَصُومهُ صَامَهُ وَإِلَّا لَمْ يَصُمْهُ وَهُوَ أَنْ يَكُون مِنْ عَادَته أَنْ يَصُوم اِنْتَهَى . وَقَدْ مَرَّ بَعْض بَيَانه فِي بَاب الشَّهْر يَكُون تِسْعًا وَعِشْرِينَ . قَالَ الْمُنْذِرِيُّ : وَالْحَدِيث أَخْرَجَهُ التِّرْمِذِيّ وَالنَّسَائِيُّ وَابْن مَاجَهْ وَقَالَ التِّرْمِذِيّ : حَسَن صَحِيح . وَذَكَرَ أَبُو الْقَاسِم الْبَغَوِيُّ فِي حَدِيث أَبِي هُرَيْرَة فَقَدْ عَصَى اللَّه وَرَسُوله أَنَّهُ مَوْقُوف ، وَذَكَرَ أَبُو عُمَر بْن عَبْد الْبَرّ أَنَّ هَذَا مُسْنَد عِنْدهمْ وَلَا يَخْتَلِفُونَ يَعْنِي فِي ذَلِكَ .@

الصفحة 458