كتاب عون المعبود شرح سنن أبي داود (ط. المكبتة السلفية) (اسم الجزء: 6)

مَعْنَاهُ لَا يَمْنَعكُمْ الْأَكْل ، وَأَصْل الْهَيْد الزَّجْر ، يُقَال لِلرَّجُلِ أَهِيدهُ هَيْدًا إِذَا زَجَرْته ، وَيُقَال فِي زَجْر الدَّوَابّ هَيْد هَيْد اِنْتَهَى
( السَّاطِع الْمُصْعِد )
.
قَالَ الْخَطَّابِيُّ : سُطُوعهَا اِرْتِفَاعهَا مُصْعَدًا قَبْل أَنْ يَعْتَرِض اِنْتَهَى . قَالَ اِبْن الْأَثِير فِي النِّهَايَة : قَوْله وَلَا يَهِيدَنَّكُمْ السَّاطِع الْمُصْعِد أَيْ لَا تَنْزَعِجُوا لِلْفَجْرِ الْمُسْتَطِيل فَتَمْتَنِعُوا بِهِ عَنْ السَّحُور فَإِنَّهُ الصُّبْح الْكَاذِب ، وَأَصْل الْهَيْد الْحَرَكَة وَقَدْ هِدْت الشَّيْء أَهِيدهُ هَيْدًا إِذَا حَرَّكْته وَأَزْعَجْته ، وَالسَّاطِع الْمُصْعِد يَعْنِي الصُّبْح الْأَوَّل الْمُسْتَطِيل ، يُقَال سَطَعَ الصُّبْح يَسْطَع فَهُوَ سَاطِع أَوَّل مَا يَنْشَقّ مُسْتَطِيلًا اِنْتَهَى
( حَتَّى يَعْتَرِض لَكُمْ الْأَحْمَر )
.
قَالَ الْخَطَّابِيُّ : مَعْنَى الْأَحْمَر هَا هُنَا أَنْ يَسْتَبْطِن الْبَيَاض الْمُعْتَرِض أَوَائِل حُمْرَة ، وَذَلِكَ أَنَّ الْبَيَاض إِذَا تَتَامَّ طُلُوعه ظَهَرَتْ أَوَائِل الْحُمْرَة ، وَالْعَرَب تُشْبِه الصُّبْح بِالْبُلْقِ مِنْ الْخَيْل لِمَا فِيهِ مِنْ بَيَاض وَحُمْرَة اِنْتَهَى .
قُلْت : وَقَدْ يُطْلَق الْأَحْمَر عَلَى الْأَبْيَض . قَالَ فِي تَاج الْعَرُوس : الْأَحْمَر مَا لَوْنه الْحُمْرَة وَمِنْ الْمَجَاز الْأَحْمَر مَنْ لَا سِلَاح مَعَهُ فِي الْحَرْب ، وَالْأَحْمَر تَمْر لِلَوْنِهِ وَالْأَحْمَر الْأَبْيَض ضِدّ ، وَبِهِ فَسَّرَ بَعْض الْحَدِيث بَعَثَتْ إِلَى الْأَحْمَر وَالْأَسْوَد ، وَالْعَرَب تَقُول اِمْرَأَة حَمْرَاء أَيْ بَيْضَاء اِنْتَهَى . فَمَعْنَى قَوْله صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ حَتَّى يَعْتَرِض لَكُمْ الْأَحْمَر أَيْ الْأَبْيَض وَهُوَ بَيَاض النَّهَار مِنْ سَوَاد اللَّيْل يَعْنِي الصُّبْح الصَّادِق قَالَ الْمُنْذِرِيُّ : وَالْحَدِيث أَخْرَجَهُ التِّرْمِذِيّ وَقَالَ حَسَن غَرِيب مِنْ هَذَا الْوَجْه هَذَا آخِر كَلَامه . وَقَيْس هَذَا قَدْ تَكَلَّمَ فِيهِ غَيْر وَاحِد مِنْ الْأَئِمَّة .@

الصفحة 473