كتاب عون المعبود شرح سنن أبي داود (ط. المكبتة السلفية) (اسم الجزء: 7)

الْغَابَة : فَلَمَّا اِنْصَرَفَ عُثْمَان قَالَ رَسُول اللَّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لِمَنْ حَوْله مَا صَمَتَ إِلَّا لِيَقُومَ إِلَيْهِ بَعْضكُمْ فَيَضْرِب عُنُقه
( رَجُل رَشِيد )
: قَالَ الْخَطَّابِيُّ : مَعْنَى الرَّشِيد هَهُنَا الْفِطْنَة لِصَوَابِ الْحُكْم فِي قَتْله اِنْتَهَى . وَفِيهِ أَنَّ التَّوْبَة عَنْ الْكُفْر فِي حَيَاته صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كَانَتْ مَوْقُوفَة عَلَى رِضَاهُ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ، وَأَنَّ الَّذِي اِرْتَدَّ وَآذَاهُ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِذَا آمَنَ سَقَطَ قَتْله قَالَهُ السِّنْدِيُّ
( أَلَا )
: أَيْ هَلَّا كَمَا عِنْد النَّسَائِيِّ . قَالَ اِبْن الْأَثِير : وَأَسْلَمَ ذَلِكَ الْيَوْم فَحَسُنَ إِسْلَامه وَلَمْ يَظْهَر مِنْهُ بَعْد ذَلِكَ مَا يُنْكَر عَلَيْهِ وَهُوَ أَحَد الْعُقَلَاء الْكُرَمَاء مِنْ قُرَيْش ، ثُمَّ وَلَّاهُ عُثْمَان بَعْد ذَلِكَ مِصْر سَنَة خَمْس وَعِشْرِينَ فَفَتَحَ اللَّه عَلَى يَدَيْهِ إِفْرِيقِيَّة وَكَانَ فَتْحًا عَظِيمًا بَلَغَ سَهْم الْفَارِس ثَلَاثَة آلَاف مِثْقَال ذَهَبًا ، وَسَهْم الرَّاجِل أَلْف مِثْقَال ، وَشَهِدَ مَعَهُ هَذَا الْفَتْح عَبْد اللَّه بْن عُمَر وَعَبْد اللَّه بْن الزُّبَيْر وَعَبْد اللَّه بْن عَمْرو بْن الْعَاصِ اِنْتَهَى مِنْ غَايَة الْمَقْصُود مُلَخَّصًا
( أَوْمَأْت إِلَيْنَا بِعَيْنِك )
: مَعْنَاهُ بِالْفَارِسِيَّةِ جرانه اشاره فرمودي بسوىء ما يجشم خود
( خَائِنَة الْأَعْيُن )
: قَالَ الْخَطَّابِيُّ : مَعْنَى خَائِنَة الْأَعْيُن أَنْ يُضْمِر بِقَلْبِهِ غَيْر مَا يُظْهِرهُ لِلنَّاسِ ، فَإِذَا كَفَّ بِلِسَانِهِ وَأَوْمَأَ بِعَيْنِهِ إِلَى خِلَاف ذَلِكَ وَكَانَ ظُهُور تِلْكَ الْخِيَانَة مِنْ قِبَل عَيْنه فَسُمِّيَتْ خَائِنَة الْأَعْيُن . قَالَ وَفِي الْحَدِيث دَلِيل عَلَى أَنَّ ظَاهِر السُّكُوت مِنْ رَسُول اللَّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي الشَّيْء يَرَاهُ يُصْنَع بِحَضْرَتِهِ يَحِلّ مَحَلّ الرِّضَى بِهِ وَالتَّقْرِير لَهُ .
قَالَ وَعَبْد اللَّه بْن أَبِي السَّرْح كَانَ يَكْتُب لِلنَّبِيِّ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَارْتَدَّ عَنْ الدِّين فَلِذَلِكَ غَلَّظَ عَلَيْهِ رَسُول اللَّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَكْثَر مِمَّا غَلَّظَ عَلَى غَيْره مِنْ الْمُشْرِكِينَ اِنْتَهَى .
قَالَ الْمُنْذِرِيُّ : وَأَخْرَجَهُ النَّسَائِيُّ وَفِي إِسْنَاده إِسْمَاعِيل بْن عَبْد الرَّحْمَن السُّدِّيّ@

الصفحة 347