كتاب عون المعبود شرح سنن أبي داود (ط. المكبتة السلفية) (اسم الجزء: 7)

مَا هُوَ أَحْفَظ لِلْإِسْلَامِ وَأَصْلَح لِأَمْرِ الدِّين . وَإِلَى هَذَا ذَهَبَ الشَّافِعِيّ وَأَحْمَد بْن حَنْبَل ، وَهُوَ قَوْل الْأَوْزَاعِيِّ وَسُفْيَان الثَّوْرِيّ .
وَقَالَ أَبُو حَنِيفَة وَأَصْحَابه : إِنْ شَاءَ قَتَلَهُمْ ، وَإِنْ شَاءَ فَادَاهُمْ ، وَإِنْ شَاءَ اِسْتَرَقَّهُمْ وَلَا يَمُنّ عَلَيْهِمْ فَيُطْلِقهُمْ بِغَيْرِ عِوَض . وَزَعَمَ بَعْضهمْ أَنَّ الْمَنّ خَاصّ لِلنَّبِيِّ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ دُون غَيْره . قَالَ وَالتَّخْصِيص لَا يَكُون إِلَّا بِدَلِيلٍ . وَقَوْله تَعَالَى { إِذَا لَقِيتُمْ الَّذِينَ كَفَرُوا فَضَرْب الرِّقَاب حَتَّى إِذَا أَثْخَنْتُمُوهُمْ فَشُدُّوا الْوَثَاق فَإِمَّا مَنًّا بَعْد وَإِمَّا فِدَاء } الْآيَة عَامّ لِجَمَاعَةِ الْأُمَّة كُلّهمْ لَيْسَ فِيهِ تَخْصِيص لِلنَّبِيِّ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ . اِنْتَهَى . قَالَ التِّرْمِذِيّ : وَالْعَمَل عَلَى هَذَا عِنْد أَكْثَر أَهْل الْعِلْم مِنْ أَصْحَاب النَّبِيّ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَغَيْرهمْ أَنَّ لِلْإِمَامِ أَنْ يَمُنّ عَلَى مَنْ شَاءَ مِنْ الْأُسَارَى ، وَيَقْتُل مَنْ شَاءَ مِنْهُمْ وَيَفْدِي مَنْ شَاءَ . وَاخْتَارَ بَعْض أَهْل الْعِلْم الْقَتْل عَلَى الْفِدَاء . وَقَالَ الْأَوْزَاعِيُّ : بَلَغَنِي أَنَّ هَذِهِ الْآيَة مَنْسُوخَة يَعْنِي قَوْله : فَإِمَّا مَنًّا بَعْد وَإِمَّا فِدَاء نَسَخَهَا قَوْله { وَاقْتُلُوهُمْ حَيْثُ ثَقِفْتُمُوهُمْ } وَقَالَ إِسْحَاق بْن مَنْصُور : قُلْت لِأَحْمَدَ إِذَا أُسِرَ الْأَسِير يُقْتَل أَوْ يُفَادَى أَحَبّ إِلَيْك ؟ قَالَ إِنْ قَدَرَ أَنْ يُفَادَى فَلَيْسَ بِهِ بَأْس ، وَإِنْ قُتِلَ فَمَا أَعْلَم بِهِ بَأْسًا . قَالَ إِسْحَاق بْن إِبْرَاهِيم : الْإِثْخَان أَحَبّ إِلَيَّ إِلَّا أَنْ يَكُون مَعْرُوفًا فَأَطْمَع بِهِ الْكَثِير اِنْتَهَى .
قَالَ الْمُنْذِرِيُّ : وَأَخْرَجَهُ النَّسَائِيُّ :
قَالَ صَاحِبُ عَوْنِ الْمَعْبُودِ :
بِفَتْحِ الْعَيْن وَالصَّاد الْمُهْمَلَتَيْنِ بَيْنهمَا رَاء ، أَيْ بُقْعَتهمْ الْوَاسِعَة الَّتِي لَا بِنَاء بِهَا مِنْ دَار وَغَيْرهَا .@

الصفحة 361