كتاب عون المعبود شرح سنن أبي داود (ط. المكبتة السلفية) (اسم الجزء: 7)

بَيَان لِقَوْلِهِ صَرِيع
( قَدْ أَخْزَى اللَّه الْآخَر )
: بِوَزْنِ الْكَبِد أَيْ الْأَبْعَد الْمُتَأَخِّر عَنْ الْخَيْر ، وَقِيلَ هُوَ بِمَعْنَى الْأَرْذَل ، وَقِيلَ بِمَعْنَى اللَّئِيم ، وَقَوْله الْآخَر هُوَ مَفْعُول أَخْزَى الْمُرَاد بِهِ أَبُو جَهْل
( قَالَ )
: عَبْد اللَّه بْن مَسْعُود
( وَلَا أَهَابهُ )
: أَيْ وَلَا أَخَاف أَبَا جَهْل فِي تِلْكَ الْحَالَة لِأَنَّهُ مَجْرُوح الرِّجْل لَا يَقْدِر عَلَى شَيْء .
وَفِي رِوَايَة أَحْمَد قَالَ اِنْتَهَيْت إِلَى أَبِي جَهْل يَوْم بَدْر وَهُوَ صَرِيع وَهُوَ يَذُبّ النَّاس عَنْهُ بِسَيْفٍ لَهُ فَجَعَلْت أَتَنَاوَلهُ بِسَيْفٍ لِي غَيْر طَائِل فَأَصَبْت يَده فَنَدَرَ سَيْفه فَأَخَذْته فَضَرَبْته حَتَّى قَتَلْته ثُمَّ أَتَيْت النَّبِيّ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَأَخْبَرْته فَنَفَّلَنِي بِسَلَبِهِ اِنْتَهَى
( فَقَالَ أَبْعَد مِنْ رَجُل قَتَلَهُ قَوْمه )
: قَالَ الْخَطَّابِيُّ هَكَذَا رَوَاهُ أَبُو دَاوُدَ وَهُوَ غَلَط وَإِنَّمَا هُوَ أَعْمُد بِالْمِيمِ بَعْد الْعَيْن كَلِمَة لِلْعَرَبِ مَعْنَاهَا كَأَنَّهُ يَقُول هَلْ زَادَ عَلَى رَجُل قَتَلَهُ قَوْمه يَهُون عَلَى نَفْسه مَا حَلَّ بِهَا مِنْ هَلَاك ، حَكَاهَا أَبُو عُبَيْد عَنْ أَبِي عُبَيْدَة مَعْمَر بْن الْمُثَنَّى ، وَأَنْشَدَ لِابْنِ مَيَّادَة : وَأَعْمُد مِنْ قَوْم كَفَاهُمْ أَخُوهُمْ صِدَام الْأَعَادِي حِين فَلَّتْ بُيُوتهَا يَقُول هَلْ زَادَنَا عَلَى أَنْ كَفَيْنَا إِخْوَاننَا اِنْتَهَى . وَقَالَ فِي النِّهَايَة فِي مَادَّة بَعِدَ : أَيْ أَنْهَى وَأَبْلَغَ لِأَنَّ الشَّيْء الْمُتَنَاهِي فِي نَوْعه يُقَال قَدْ أَبْعَد فِيهِ وَهَذَا أَمْر بَعِيد أَيْ لَا يَقَع مِثْله لِعِظَمِهِ يُرِيد أَنَّك اِسْتَبْعَدْت قَتْلِي وَاسْتَعْظَمْت شَأْنِي فَهَلْ هُوَ أَبْعَد مِنْ رَجُل قَتَلَهُ قَوْمه ، وَالصَّحِيح رِوَايَة أَعْمُد بِمِيمٍ اِنْتَهَى . وَقَالَ فِي مَادَّة عَمَدَ : أَيْ هَلْ زَادَ عَلَى رَجُل قَتَلَهُ قَوْمه وَهَلْ كَانَ إِلَّا هَذَا ، أَيْ أَنَّهُ لَيْسَ عَلَيْهِ بِعَارٍ . وَقِيلَ أَعْمَد بِمَعْنَى أَعْجَب أَيْ أَعْجَب مِنْ رَجُل قَتَلَهُ قَوْمه . وَقِيلَ أَعْمَد بِمَعْنَى أَغْضَب مِنْ قَوْلهمْ عَمِدَ عَلَيْهِ إِذَا غَضِبَ وَقِيلَ مَعْنَاهُ أَتَوَجَّع وَأَشْتَكِي مِنْ قَوْلهمْ عَمَدَنِي @

الصفحة 377