كتاب عون المعبود شرح سنن أبي داود (ط. المكبتة السلفية) (اسم الجزء: 7)

صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِنَّ لَك أَجْر رَجُل مِمَّنْ شَهِدَ بَدْرًا وَسَهْمه . وَأَمَّا تَغَيُّبه عَنْ بَيْعَة الرِّضْوَان فَلَوْ كَانَ أَحَد أَعَزّ بِبَطْنِ مَكَّة مِنْ عُثْمَان لَبَعَثَهُ مَكَانه فَبَعَثَ رَسُول اللَّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عُثْمَان وَكَانَتْ بَيْعَة الرِّضْوَان بَعْد مَا ذَهَبَ عُثْمَان إِلَى مَكَّة فَقَالَ رَسُول اللَّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِيَدِهِ الْيُمْنَى هَذِهِ يَد عُثْمَان فَضَرَبَ بِهَا عَلَى يَده فَقَالَ هَذِهِ لِعُثْمَانَ . فَقَالَ لَهُ اِبْن عُمَر : اِذْهَبْ بِهَا الْآن مَعَك اِنْتَهَى . فَكَانَتْ بَيْعَة الرِّضْوَان فِي غَزْوَة الْحُدَيْبِيَة لَا فِي غَزْوَة بَدْر .
وَالسَّبَب فِي ذَلِكَ أَنَّ النَّبِيّ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بَعَثَ عُثْمَان لِيُعْلِم قُرَيْشًا أَنَّهُ إِنَّمَا جَاءَ مُعْتَمِرًا لَا مُحَارِبًا فَفِي غَيْبَة عُثْمَان شَاعَ عِنْدهمْ أَنَّ الْمُشْرِكِينَ تَعَرَّضُوا لِحَرْبِ الْمُسْلِمِينَ فَاسْتَعَدَّ الْمُسْلِمُونَ لِلْقِتَالِ وَبَايَعَهُمْ النَّبِيّ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ حِينَئِذٍ تَحْت الشَّجَرَة عَلَى أَنْ لَا يَفِرُّوا ، وَذَلِكَ فِي غَيْبَة عُثْمَان . وَقِيلَ بَلْ جَاءَ الْخَبَر بِأَنَّ عُثْمَان قُتِلَ فَكَانَ ذَلِكَ سَبَب الْبَيْعَة . وَرَوَى الْحَاكِم فِي الْمُسْتَدْرَك مِنْ طَرِيق حَمَّاد بْن سَلَمَة عَنْ هِشَام بْن عُرْوَة عَنْ أَبِيهِ قَالَ خَلَّفَ النَّبِيّ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عُثْمَان وَأُسَامَة بْن زَيْد عَلَى رُقَيَّة فِي مَرَضهَا لَمَّا خَرَجَ إِلَى بَدْر فَمَاتَتْ رُقَيَّة حِين وَصَلَ زَيْد بْن حَارِثَة بِالْبِشَارَةِ
( فَضَرَبَ لَهُ رَسُول اللَّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِسَهْمٍ )
: قَالَ الْخَطَّابِيُّ : هَذَا خَاصّ بِعُثْمَانَ لِأَنَّهُ كَانَ يُمَرِّض اِبْنَة رَسُول اللَّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ اِنْتَهَى . ( فَضَرَبَ ) : أَيْ جَعَلَ وَبَيَّنَ ( لَهُ ) : أَيْ لِعُثْمَانَ . وَقَدْ اُسْتُدِلَّ بِهَذَا الْحَدِيث عَلَى أَنَّهُ يُسْهِم الْإِمَام لِمَنْ كَانَ غَائِبًا فِي حَاجَة لَهُ بَعَثَهُ لِقَضَائِهَا ، وَأَمَّا مَنْ كَانَ غَائِبًا عَنْ الْقِتَال لَا لِحَاجَةٍ لِلْإِمَامِ وَجَاءَ بَعْد الْوَقْعَة فَذَهَبَ الشَّافِعِيّ وَمَالِك وَالْأَوْزَاعِيُّ وَالثَّوْرِيُّ وَاللَّيْث إِلَى أَنَّهُ لَا يُسْهِم لَهُ ، وَذَهَبَ أَبُو حَنِيفَة وَأَصْحَابه إِلَى أَنَّهُ يُسْهِم لِمَنْ حَضَرَ قَبْل إِحْرَازهَا إِلَى دَار الْإِسْلَام كَذَا فِي النَّيْل : وَالْحَدِيث سَكَتَ عَنْهُ الْمُنْذِرِيُّ .@

الصفحة 398