كتاب عون المعبود شرح سنن أبي داود (ط. المكبتة السلفية) (اسم الجزء: 7)

أَبُو دَاوُدَ وَالْحَاكِم مِنْ طَرِيق مُحَمَّد بْن حَمْزَة بْن عَمْرو عَنْ أَبِيهِ أَنَّهُ قَالَ " يَا رَسُول اللَّه إِنِّي صَاحِب ظَهْر أُعَالِجهُ أُسَافِر عَلَيْهِ وَأَكْرِيهِ ، وَإِنَّهُ رُبَّمَا صَادَفَنِي هَذَا الشَّهْر يَعْنِي رَمَضَان وَأَنَا أَجِد الْقُوَّة وَأَجِدنِي أَنْ أَصُوم أَهْوَن عَلَيَّ مِنْ أَنْ أُؤَخِّرهُ فَيَكُون دَيْنًا عَلَيَّ . فَقَالَ أَيّ ذَلِكَ شِئْت يَا حَمْزَة اِنْتَهَى
( قَالَ صُمْ إِنْ شِئْت وَأَفْطِرْ إِنْ شِئْت )
: قَالَ الْخَطَّابِيُّ : هَذَا نَصّ فِي إِثْبَات الْخِيَار لِلْمُسَافِرِ بَيْن الصَّوْم وَالْإِفْطَار وَفِيهِ بَيَان جَوَاز صَوْم الْفَرْض لِلْمُسَافِرِ إِذَا صَامَهُ ، وَهُوَ قَوْل عَامَّة أَهْل الْعِلْم إِلَّا مَا رُوِيَ عَنْ اِبْن عُمَر رَضِيَ اللَّه عَنْهُمَا أَنَّهُ قَالَ : إِنْ صَامَ فِي السَّفَر قَضَى فِي الْحَضَر . وَقَدْ رُوِيَ عَنْ اِبْن عَبَّاس رَضِيَ اللَّه عَنْهُمَا أَنَّهُ قَالَ لَا يُجْزِئهُ . وَذَهَبَ إِلَى هَذَا مِنْ الْمُتَأَخِّرِينَ دَاوُدَ بْن عَلِيّ ثُمَّ اِخْتَلَفَ أَهْل الْعِلْم بَعْد هَذَا فِي أَفْضَل الْأَمْرَيْنِ مِنْهُمَا ، فَقَالَتْ طَائِفَة أَفْضَل الْأَمْرَيْنِ الْفِطْر ، وَإِلَيْهِ ذَهَبَ سَعِيد بْن الْمُسَيِّب وَالشَّعْبِيّ وَالْأَوْزَاعِيُّ وَأَحْمَد بْن حَنْبَل وَإِسْحَاق بْن رَاهْوَيْهِ . وَقَالَ أَنَس بْن مَالِك وَعُثْمَان بْن أَبِي الْعَاصِ : أَفْضَل الْأَمْرَيْنِ الصَّوْم فِي السَّفَر ، وَبِهِ قَالَ النَّخَعِيُّ وَسَعِيد بْن جُبَيْر ، وَهُوَ قَوْل مَالِك وَالثَّوْرِيُّ وَالشَّافِعِيّ وَأَبِي حَنِيفَة وَأَصْحَابه . وَقَالَتْ فِرْقَة ثَالِثَة : أَفْضَل الْأَمْرَيْنِ أَيْسَرهمَا عَلَى الْمَرْء لِقَوْلِهِ سُبْحَانه { يُرِيد اللَّه بِكُمْ الْيُسْر وَلَا يُرِيد بِكُمْ الْعُسْر } فَإِنْ كَانَ الصِّيَام أَيْسَر عَلَيْهِ صَامَ وَإِنْ كَانَ الْفِطْر أَيْسَر فَلْيُفْطِرْ . وَإِلَيْهِ ذَهَبَ مُجَاهِد وَعُمَر بْن عَبْد الْعَزِيز وَقَتَادَة .
قَالَ الْمُنْذِرِيُّ : وَأَخْرَجَهُ الْبُخَارِيّ وَمُسْلِم وَالتِّرْمِذِيّ وَالنَّسَائِيُّ وَابْن مَاجَهْ .
2051 -
قَالَ صَاحِبُ عَوْنِ الْمَعْبُودِ :
( إِنِّي صَاحِب ظَهْر )
: أَيْ مَرْكَب
( أُعَالِجهُ )
: أَيْ أَسْتَعْمِلهُ
( رُبَّمَا صَادَفَنِي )@

الصفحة 40